رفتن به محتوای اصلی

مؤسس السينما المغربية يرحل في عزلته

العربي بناني
AvaToday caption
سافر العربي بناني مع مطلع الخمسينيات إلى فرنسا، حاملاً معه شغفه بالسينما، ليعود إلى المغرب عام 1954 متخرجاً في معهد الدراسات العليا السينمائية في باريس، وهو مؤسسة تعليمية كانت نشطة ما بين الأربعينيات والثمانينيات
posted onJanuary 25, 2022
noدیدگاه

لم ينتبه الإعلام المغربي، ومعه الوسط الفني والثقافي، إلى رحيل رائد السينما المغربية العربي بناني (مواليد 1930 في مدينة فاس) الذي غادر عالمنا بعد 92 عاماً، قضى معظمها في خدمة الفن. فالرجل علامة أساسية في تاريخ الفن السابع ورائد من رواده. ومع ذلك لم ينتبه إلى رحيله إلا القليل من المواقع المهتمة في الغالب بحقل السينما. ويبدو أن هذا النسيان أو النكران جاء متناغماً مع طبيعة حياته، وهو الذي عاش بعد سنوات الريادة، في الظل، لزمن طويل.

ويشهد له على ريادته الفنية أنه صاحب أول فيلم مغربي قصير مصور بالسينما سكوب بالألوان، وعنوانه "ليالٍ أندلسية"، أخرجه عام 1963. ويحتفي هذا الفيلم بالحب من جهة، وبالموسيقى الأندلسية من جهة أخرى. وفي سياق الريادة نذكر أن بداية السينما المغربية، التي تنطبق عليها معايير الاحترافية في الأفلام المطولة، كانت مع فيلمين أحدهما من إخراجه. ففي عام 1968 أخرج العربي بناني أول فيلم طويل له عنوانه "عندما يثمر النخيل"، شاركه في إخراجه عبد العزيز رمضاني. وفي العام نفسه كان قد ظهر قبله بفترة قصيرة فيلم "الحياة كفاح" للمخرجين محمد التازي وأحمد المسناوي، ولعب فيه دور البطولة المغني المشهور عبد الوهاب الدكالي. والفيلمان الرائدان معاً كان قد أنتجهما المركز السينمائي المغربي، وعرضهما في مهرجان سينما البحر الأبيض المتوسط.

استفاد فيلم العربي بناني "عندما يثمر النخيل" من طاقات المسرح، فقد مثل فيه أشهر الفنانين القادمين أصلاً من أبي الفنون: العربي الدغمي وحبيبة مذكوري وعبد الرزاق حكم ومحمد بلقاس وحمادي التونسي وعبد الجبار الوزير وبلا بلامين وسعد التهامي. يعالج الفيلم قضية الصراع القبلي، ويرتكز في ذلك على قصة حب تنشأ بين شاب وشابة من قبيلتين متنازعتين، لينتصر الحب في النهاية على هذا الصراع الاجتماعي والتاريخي.

كان فيلم العربي بناني وعبد العزيز رمضاني بسيطاً من حيث التقنيات والاشتغال الفني، لكنه شكل انطلاقة رسمية للسينما المغربية التي عرفت تحولات كبيرة في السنوات اللاحقة، لتصبح ثاني سينما عربية من حيث غزارة الإنتاج بعد مصر، فضلاً عن قيمتها الفنية ليس في العالم العربي فحسب، بل في أوروبا بالخصوص التي تشهد باستمرار حضور الأفلام المغربية في الكثير من مهرجاناتها.

وإذا كان المغرب قد تأخر في إخراج وإنتاج أفلامه، فقد كان بالمقابل سباقاً إلى استضافة شركات أجنبية صورت أفلامها على أرضه. ونذكر هنا الفيلم القصير "راعي الماعز المغربي" الذي تم تصويره في المغرب عام 1896 من لدن الشركة الفرنسية "لوميير". أما أول فيلم أجنبي طويل فتم تصويره عام 1919 خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي للمغرب للمخرجين جان بنشون ودانييل كانتين اللذين اختارا أن يكون عنوانه باللغة العربية لا الفرنسية: "مكتوب".

سافر العربي بناني مع مطلع الخمسينيات إلى فرنسا، حاملاً معه شغفه بالسينما، ليعود إلى المغرب عام 1954 متخرجاً في معهد الدراسات العليا السينمائية في باريس، وهو مؤسسة تعليمية كانت نشطة ما بين الأربعينيات والثمانينيات. وخول له هذا التكوين أن يكون أول مشرف على تدريب الأطر الأولى في السينما المغربية. وقد حمل معه ثقافة السينما الفرنسية وخصائصها، وأسهم في نشر الثقافة السينمائية العالمية في الأوساط المغربية.

وفي المركز السينمائي المغربي الذي تأسس منتصف الأربعينيات - بهدف أساسي هو منافسة السينما المصرية – اشتغل العربي بناني لمدة عشر سنوات ما بين 1959 و1969. ركز في تلك الحقبة على نوعين من الأفلام: القصير والوثائقي. كما عمل بالموازاة، مع عديد من الشركات الأجنبية التي كانت تصور أفلامها في المغرب. فشارك فيها إما مساعداً للمخرج، أو مديراً للإنتاج، وأحياناً كاتباً للسيناريو أو مساهماً فيه.

 ومع مطلع السبعينيات أسس شركة للإنتاج حملت اسم "كوسينامو"، وفي منتصف السبعينيات أسس شركة أخرى اسمها "يوني فيلم"، ثم انتقل بعد ذلك إلى عالم الإشهار. وقد أخرج الراحل أفلاماً عديدة في مختلف الفئات، نذكر منها "ليالٍ أندلسية" عام 1963، وحاز أكثر من عشر جوائز، وفي العام نفسه فيلم "بيت الرجال"، وقبله "شاعر متجول في مراكش" 1961 و"من أجل لقمة العيش" 1960، و"عودة الانتصار" 1956، ولاحقاً "طريق الإجازة" 1964، و"القرويون" 1967، و"الريف" 1968، و"أحلام الأندلس" 1972، و"فاس" 1975، و"المقاوم المجهول" 1995.