رفتن به محتوای اصلی

الشرق الأوسط في حاجة إلى مَن ينقذه

الميليشيات
AvaToday caption
احتلت إيران العراق ولبنان والجزء الأكبر من اليمن وأجزاء من سوريا لأنها تريد تحرير فلسطين. لقد فقدت تلك الدول استقلالها لأن فلسطين لا تزال محتلة. ولكن هل ضيع الإيرانيون الطريق إلى فلسطين؟
posted onJanuary 29, 2021
noدیدگاه

فاروق يوسف

تبادل التهديدات في الشرق الأوسط بين الدول لا يشير إلى أن المنطقة ستشهد نوعا من الهدوء والاستقرار في المرحلة القادمة بالرغم من كل مساعي السلام التي تبذلها دول تحاول أن تطوي صفحة لتفتح أخرى.

اللجوء إلى استعراض القوة واستعمال مفردات تنتمي إلى لغة بدائية هما محاولتان مفضوحتان تؤكد من خلالهما بعض الدول انفصالها عن العصر الحديث وعدم رغبتها في الكشف عن الأسباب الخفية التي تدعوها إلى التمسك بنزاعات صارت أشبه بالألغاز التي لا يمكن الوصول إلى مفاتيحها أو تفسيرها إلا بطريقة بدائية هي الأخرى.

كل المشكلات الدولية لابد أن تُوضع لها الحلول وتنتهي ولا يتذكرها أحد بمرور الزمن إلا مشكلات الشرق الأوسط فإنها تقف خارج إمكانية أن تستجيب لحل ما بل أنها تتعقد أكثر كلما مضى عليها الزمن.

دول عاجزة عن التفاهم في ما بينها وهي في الوقت نفسه تلتفت بذعر إلى تجربة الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثمان سنوات من غير أن تقدم فكرة عن حل وإن كان دمويا للمشكلة التي ظلت قائمة. لقد عاد البلدان إلى حدودهما بعد أن تعبا من تناطح الثيران.

ولو ذهبنا إلى التفاصيل أكثر فإن ثمانين سنة من الصراع العربي الإسرائيلي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية لم تنفع في أن تبلور صيغة لحل سياسي يكون بمثابة حل نهائي للصراع وما جرى من تطبيع تدريجي هو في حقيقته تصرف سياسي ضروري لجأت إليه الدبلوماسية غير أنه لا يشكل حلا للقضية الفلسطينية التي لا تزال معروضة في المزاد تتاجر بها دول ومنظمات وجماعات مسلحة لكي تكون مسوغها لبث الفوضى في المنطقة.

كانت فلسطين ولا تزال كلمة السر التي يُمارس من خلالها الابتزاز.

احتلت إيران العراق ولبنان والجزء الأكبر من اليمن وأجزاء من سوريا لأنها تريد تحرير فلسطين. لقد فقدت تلك الدول استقلالها لأن فلسطين لا تزال محتلة. ولكن هل ضيع الإيرانيون الطريق إلى فلسطين؟

ذلك ما تجيب عليه التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران.

تعرف إيران جيدا أن إسرائيل هي التي أشعلت الحرائق في منشآتها النووية. غير أنها بدلا من أن ترد على إسرائيل توجه صواريخها من خلال أتباعها الحوثيين في اليمن إلى المملكة العربية السعودية.

اما إسرائيل فلن يصيبها إلا الكلام.

ذلك ما يجعلنا نشعر أن مشكلات إيران في المنطقة لا حلول لها. إيران نفسها هي مشكلة لا تُحل. اما الحديث عن مفاوضات حول اتفاق نووي جديد فإنه لا ينهي المشكلات التي صارت جزءا من بنية الدول الهشة التي أنهكتها إيران.

ولو نظرنا إلى العراق باعتباره مثالا فإن وقوعه تحت الهيمنة الإيرانية من خلال استيلاء الميليشيات الإيرانية على الدولة فيه لا يمكن أن ينتهي بقرار دولي. لقد قُدر لهذا البلد المنكوب بالحروب أن يكون بضاعة غامضة. تخلت عنه الولايات المتحدة بعد أن حطمت مواقع القوة فيه فلم يعد قادرا على الدفاع عن نفسه وصار معروضا في سوق البضائع التالفة فاستولت عليه إيران بيسر. وما من أمل في أن يعود مستقلا وقويا وذا سيادة.

اما استيلاء حزب الله على لبنان فقد لمسته فرنسا بيدي رئيسها حين حاول أن يستعيد الأبوة التاريخية وفشل.

تلك مشكلة لا يمكن أن تُحل هي الأخرى.

وعبر سنوات الحرب في اليمن فقد كان واضحا أن ما يغذي الصراع موقف أممي منحاز إلى الحوثيين الذين هم أداة إيران لتهديد أمن السعودية. وهو ما يعني أن دائرة الصراع هناك يُراد لها أن تتسع.

ولكن ما معنى أن تمارس الولايات المتحدة استعراضات القوة في المنطقة في ظل التهديدات المتبادلة بين إسرائيل ولإيران؟ 

هل الحرب قادمة؟ ولكن بين مَن ومَن؟

إيران مقبلة على مفاوضات ستكون شاقة وستستغرق زمنا طويلا. نتائج تلك المفاوضات ستنقذ إيران من الانهيار الاقتصادي الوشيك ولكن هل ستقدم تلك المفاوضات حلولا لمشكلات المنطقة؟

كانت إيران تحلم بممارسة دور العراب الذي يعود إليه العالم في حل أية مشكلة تقع في الشرق الأوسط. ولكن ذلك الحلم يصطدم بواقع أن إيران في حد ذاتها صارت تشكل مشكلة لن تُحل إلا عن طريق حرب، يكون الهدف منها اسقاط نظامها السياسي غير أن الحرب ليست حلا إلا إذا فكر العالم بالطريقة الإيرانية وهي طريقة عدمية لا ينتج عنها إلا الخراب.

ولكن لابد من الوصول إلى صيغة للحل تنتهي من خلالها عذابات البشر في الشرق الأوسط. ليس من الانصاف أن تكون مشكلاتهم التي لم يكن لهم يد في صناعتها أزلية. وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال مؤتمر دولي للإنقاذ بدلا من أن يتم انقاذ إيران وحدها.