رفتن به محتوای اصلی

أفغانستان وتصاعد التحديات الأمنية لإيران

أفغانستان
AvaToday caption
شكّلت طهران ميليشيا "فاطميون" التي تتألف من الشيعة الأفغان وتم نشرها في سوريا لمحاربة تنظيم "داعش". وعاد كثيرون منهم إلى أفغانستان، ما أتاح لإيران الوصول إلى داخل مشهد الميليشيات الأفغانية
posted onDecember 3, 2021
noدیدگاه

هدى رؤوف

كان وجود الولايات المتحدة في أفغانستان سلاحاً ذا حدين لـإيران. فعلى الرغم من دعم طهران الضمني لواشنطن في الأشهر التي أعقبت أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، إلا أن خطاب الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش في شأن "محور الشر" عام 2002، وقد ضم العراق وإيران وكوريا الشمالية إليه، أسهم في جعل الوجود الأميركي في أفغانستان أهم التحديات لطهران.

وكما هي الحال بالنسبة إلى عدد من اللاعبين الإقليميين في الجوار الأفغاني، كان الغطاء الأمني ​​للولايات المتحدة طوال هذه الأعوام مفيداً، بما في ذلك لطهران. والآن، مثل دول جوار أفغانستان، تشعر إيران بالقلق من التحديات الأمنية الجديدة المتصاعدة على الحدود الطويلة مع أفغانستان، حيث يشترك البلدان في حدود تبلغ نحو 900 كيلومتر، تتخللها معابر غير رسمية ناشطة يستخدمها المهربون في الإتجار الدولي بالبشر والمخدرات، وهو مصدر توترات ثنائية، فضلاً عن أن أكثرية سكان إيران من الشيعة، ولكن الأقليات السُنّية تعيش في الغالب في المناطق القريبة من الحدود مع أفغانستان. ولطالما اشتكى السُنّة من التمييز الذي يمارسه النظام الإيراني. وتستضيف  إيران حوالى 3.6 مليون لاجئ أفغاني، ازداد عددهم منذ استيلاء حركة "طالبان" على السلطة في أغسطس (آب) الماضي، إذ فرّ مئات الآلاف من المدنيين إليها باستخدام المعابر الحدودية غير الرسمية.

وكان آخر تجلّيات الوضع الحرج لإيران، اندلاع اشتباكات بين قوات الأمن الحدودية في الجانبين منذ يومين. وعلى الرغم من تسوية الأمر بينهما وإعلان أنه مجرد "سوء تفاهم" حدودي، إلا أنه يعكس تزايد التوترات الأمنية المحتملة وتصاعد التحديات الأمنية أمام طهران من الجانب الأفغاني.

فعلى الرغم من انخراط الجانب الإيراني مع "طالبان" لفترة طويلة من الزمن، خلال الوجود الأميركي في أفغانستان، وسط تقارير ومزاعم تفيد بأن طهران وفّرت ملاذاً لقادة تنظيم "القاعدة" الذين فرّوا من هناك مع تكثيف العمليات العسكرية الأميركية، إلا أنه يبدو أن الهيكل المتعدد والمعقد للحركة جعل التفاوض بينها وإيران صعباً.

وانخرطت طهران ضمن فعاليات كثيرة من أجل أمن أفغانستان، كان آخرها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حينما استضافت الهند كبار مسؤولي الأمن القومي من سبع دول إقليمية لمناقشة الوضع المتطور في كابول. وهو اللقاء الأول من نوعه الذي تعقده نيودلهي منذ سيطرة "طالبان" على العاصمة الأفغانية. وسلّطت الدول المشاركة، وهي روسيا وإيران وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان، الضوء على مخاوف مشتركة بشأن تطور الوضع في أفغانستان، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالإرهاب واحتمالات أن تصبح الجغرافيا الأفغانية مركزاً للتطرف وتهريب المخدرات وتمويل الإرهاب.

السمة الغالبة للتعامل الإيراني مع الملف الأفغاني هي نهج مزدوج، فقد شكّلت طهران ميليشيا "فاطميون" التي تتألف من الشيعة الأفغان وتم نشرها في سوريا لمحاربة تنظيم "داعش". وعاد كثيرون منهم إلى أفغانستان، ما أتاح لإيران الوصول إلى داخل مشهد الميليشيات الأفغانية.

وتستمر طهران في انتقاد واشنطن حتى بعد الانسحاب من أفغانستان. فخلال زيارة مبعوثها الخاص حسن كاظمي إلى كابول، اتهم الولايات المتحدة بدعم تنظيم "داعش" في خراسان، وحاول المساواة بين العقوبات الغربية ضد إيران والعقوبات ضد "طالبان"، للقول إنها تسببت في معاناة الناس على نطاق واسع.

ويمكن القول إن طهران قلقة بشكل أساسي من اندلاع حرب أهلية محتملة في أفغانستان، فضلاً عن أن الحدود الطويلة مع هذه الأخيرة يصعب تأمينها بسبب جغرافيتها، مما يمكن أن يشجع الفوضى فيها، وليس تهريب المخدرات والأشخاص فحسب، بل الأسلحة أيضاً. وفي ظل تمكين الجناح الراديكالي في "طالبان" بما في ذلك شبكة حقاني ذات العلاقات القوية مع باكستان التي ليست على وفاق مع إيران، حتى إن سراج الدين حقاني، نجل جلال الدين حقاني الذي أسس الشبكة في الثمانينيات خلال المقاومة الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي، أصبح وزيراً لداخلية أفغانستان، فيبدو أن التحديات الأمنية لإيران بدأت بالظهور.