رفتن به محتوای اصلی

أربعون خمينيا!

ثوار ينتفضون ضد حكم شاه إيران
AvaToday caption
لقد كانت إيران وأفغانستان جناحي الهيمنة الإمبريالية، وساهما بقوة في إسقاط الاتحاد السوفييتي، وفتحا بوابة عصر هيمنة القطب الواحد، وكانا الجناحين لحرب دينية في عصر هيمنة العلمانية الغربية
posted onFebruary 28, 2019
noدیدگاه

أحمد الفيتوري

1-

روح الله الخميني؛ الابن غير الشرعي لغطرسة الولايات المتحدة، التي ورثت العالم عن بريطانيا، أجهضت إيران من حملها (مصدق) فولدت في مختبرات CIA (فرنكشتاين).

وبهذا الفعل المتعسف أودت بالشرعية فنهضت من القمقم متمثلة في شرع: روح الله الخميني، فأئمة دولة الملالي ما زف منذ أربعين عاماً من باريس في طائرة فرنسية، ومن مشايعيه ميشيل فوكو المفكر الما بعد حداثي، ومن الشعراء أدونيس مدَّاح الديمقراطية والفاشية معا. هكذا روح الله، هكذا شيع منذ أربعين عاما من أتباع عدة، أقلهم مصداقية من يرى أن عدو عدوي صديقي.

ولأن العدو لا يخون، فإن هذا الصديق لكثيرين بان، وكأنه العدو الأول للشيطان الأكبر الإمبريالية الأميركية، من حينها دخلت في حربها الأخيرة ضد الاتحاد السوفييتي؛ إمبراطورية الإلحاد، ومن هذا فإن الولايات المتحدة كانت تخوض حربا شعواء دينية لما قامت ثورة دينية شيعية ضدها، فهل ما حدث صدفة محضة أم كانت هناك مرحلة تاريخية تدق بيد مضرجة باب العالم؟

كتب الكثير حول هبت طهران فبراير 1979م، وكتب أكثر حول روحها؛ الخميني، لكن لم يوضح لي ما طالعت معنى العدو ودلالته في العلاقة بين "أميركا وإيران"، هذه العلاقة التي تظهر كما احتياج لطرفين، وأنها هدف مشترك، فكما يتغذى نظام الملالي منذ روح الله حتى الساعة من أن يكون ثمة عدو يتمثل كما الشيطان الأكبر/ الولايات المتحدة، فإن هذا الشيطان الأكبر/ الإمبريالية الأميركية تتغذى أيضا وتتعيش من هذا العدو الذي تناصبه كل العداء وتغذي عدوانيته.

ورغم مرور أربعين حولا فإن الخميني لم يتغير ولم يمت، بل تحول إلى خمينائي ليس إلا، أو خيمائي يعد بالذهب ويموه حاله، وكمشروع ومشروعية؛ فإن تصدير الثورة هو المبرر للسلوك العدواني ما باتت روح إيران التي تزودها الولايات المتحدة بالطاقة، من خلال عراك أظهره عهد ترمب كعراك صبياني، لكن من ناحية أخرى يضخم الدور الإيراني ويجعل منها دولة عظمى إقليمية. ومن هذا يبدو روح الله التي يحرص الشيطان الأكبر عليها لتضخيم دوره وهيمنته في المنطقة ما تزداد وتتوسع منذ أربعين.

وخلال هذه الأربعينية تنمو الروح الخمينية وتتصاعد في المنطقة دون رادع حقيقي؛ لأنها تكمل مهمة زعزعة المنطقة وجعلها على كف عفريت، فتكون إيران كقابلة للحرب التي تتوسع في الشرق الأوسط كحروب صغيرة وحروب بالوكالة، وتتضح أكثر وتتجلى بقوة في سوريا التي المهمة الأساس فيها تدميرها، والعراق ما أزيحا من الخارطة السياسية لعقود قادمة.

2-

لقد حصلت إيران بفضل الروح الخمينية التي تلبستها على دور الملك، ما في الرقعة يعيش ويتعايش تحت التهديد: كش ملك دون أن يموت هذا الملك، وعلى مسرح هذه الرقعة السياسية الدولية يلعب دوراً منحه له المخرج، رغم أنه لا يملك مقومات حقيقية للعب هذا الدور، مثلما زمن الشاه بهلوي حين تصدر الميديا باعتباره مالكاً للجيش الخامس الأقوى عالمياً.

لقد كانت إيران وأفغانستان جناحي الهيمنة الإمبريالية، وساهما بقوة في إسقاط الاتحاد السوفييتي، وفتحا بوابة عصر هيمنة القطب الواحد، وكانا الجناحين لحرب دينية في عصر هيمنة العلمانية الغربية، وكما استخدمت الولايات المتحدة الدين في حربها المقدسة! استخدمته إيران وخاصة ضدها كشيطان أكبر. هذا التناغم المسكوت عنه يشف عن أن للهيمنة والسيطرة المطلقة روحاً دينية رسولية، حيث محمول الدولة رسالة تبشيرية لإنقاذ البشرية والجنة الموعودة، وفي هذا أيضا روح الله الخميني؛ الابن غير الشرعي لغطرسة الولايات المتحدة.

هذا الابن غير الشرعي؛ الدولة الخمينية الدينية الشيعية؛ والآخر المحاولة الطالبانية الأفغانية جاءا كمبرر موضوعي للدولة المفارقة اليهودية العلمانية، فعقب الحرب الكبرى الثانية وضع الحل الأوروبي للمسألة اليهودية على الأرض، وتم نفي مواطنين أوروبيين لأسباب دينية إلى الشرق الأوسط وأقيمت دولة دينية تستوعب المواطنين الأوروبيين المنفيين، لكن هذا الحل اللاعقلاني والمفارق بقي معزولا حتى قيام دولة الخميني التي على إثرها اجتاح الشرق الأوسط مشروع إقامة دولة الخلافة الإسلامية أو استعادتها ووجدت في إيران القاعدة.   

لأربعين حولاً مثـّل الخميني العلامة المفارقة كعدو مرغوب من عدو مفترض، فبات العداء في هذا الحال فرض عين، حيث إن العدو أكثر فائدة من الصديق البائر. والولايات المتحدة في حربها المبردة لعقود فازت بالضربة القاضية على خصمها الاتحاد السوفييتي المترهل الجسد والمنفوخ الأوداج بأيديولوجيا مهمتها تبرير العسف. لكن الدول الكبرى الإمبريالية مبرر وجودها العدو الخارجي، وما يقوي هذا الوجود الحرب، لهذا يجب الذي يجب، ومن هذا اتخذت من العدوان الخميني الأيديولوجي المسوغ لجعله كعدو مروض يسوغ الحرب والوجود في المنطقة بجانب رديفه المهرج الكوري الشمالي كيم.

لعل هذا يوضح المسرحية التي تمسرح في العالم الساعة في وارسو وغيرها ما منه تستمد غموضها أيضا، المسألة الإيرانية وضوحها كغموضها لعبة سياسية لا تتضح أهدافها وإن اتضحت الوسائل، وفيها كش ملك لتنبيه الملك، وليس لقتله، فاللعبة لم تنته بعد.