رفتن به محتوای اصلی

تعزيزات أميركية تجبر تركيا على التراجع في المتوسط

سفينة تركية تتجاوز الحدود اليونانية في المتوسط
AvaToday caption
يرجح مراقبون أن تكون هذه التحركات الأميركية بمثابة تحذير لأنقرة خصوصا أن السفير الأميركي لدى اليونان جيفري بيات، دعا في نفس اليوم ومن نفس المدينة (ألكسندروبوليس) تركيا إلى وقف عمليات التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اليونانية
posted onJuly 26, 2020
noدیدگاه

أفادت وسائل إعلام يونانية بأن تركيا سحبت عدة سفن حربية من منطقة متنازع عليها مع اليونانية وحذفت تغريدة مثيرة للجدل حول عمليات التنقيب التي أعلنت عن بدئها في المتوسط بعد "رد فعل قوي" من قبل أثينا.

وقالت صحيفة "غريك سيتي تايمز" في تقرير نشرته اليوم الأحد إن سفينة الأبحاث التركية لا تزال راسية قرب أنطاليا رغم أن تركيا كانت "أعلنت أنها ستنتهك المياة اليونانية من الثلاثاء الماضي وحتى الثاني من آب/أغسطس".

وأضافت أن تركيا سحبت سفنا حربية، كان من المفترض أن ترافق سفينة التنقيب، "بعد رد فعلي قوي من اليونان".

وأوضحت الصحيفة اليونانية أن سفارة أنقرة في الولايات المتحدة حذفت من حسابها على تويتر تغريدة كانت تتحدث عن سفينة "أوروج رئيس" التركية للأبحاث التي أعلنت أنقرة أنها بدأت بالتنقيب في شرق المتوسط.

ونشر الموقع صورة لتلك التغريدة المحذوفة التي استبدلتها السفارة لاحقا بتغريدة أخرى قيل فيها إن السفينة أعلنت عن نتائج مسح زلزالي أجرتها في شرق المتوسط في 21 يوليو.

وكانت البحرية اليونانية قد أعلنت الأربعاء أنها نشرت بوارج في بحر إيجه بعدما أعلنت حال "التأهب" بسبب الأنشطة التركية لاستكشاف موارد الطاقة قرب جزيرة يونانية في منطقة تقول تركيا إنها ضمن جرفها القاري.

يأتي ذلك بعد يوم من احتجاج وزارة الخارجية اليونانية رسميا لدى أنقرة عقب إعلانها إرسال سفينة حفر تركية للقيام بعمليات تنقيب في المنطقة البحرية جنوب جزيرة كاستيلوريزو.

وقال وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس إن سلوك تركيا "غير القانوني" في شرق البحر المتوسط يهدد تماسك حلف شمال الأطلسي (الناتو) وعلاقات أنقرة مع الاتحاد الأوروبي.

كما يأتي التراجع التركي بالتزامن مع وصول شحنات عسكرية من الولايات المتحدة بالإضافة إلى 2000 جندي أميركي وعشرات المروحيات الأميركية للقيام بتدريبات عسكرية مشتركة ضمن حلف الناتو الخميس الماضي إلى ميناء ألكسندروبوليس اليوناني الاستراتيجي والذي يبعد نحو 30 كم من الحدود مع تركيا.

ويرجح مراقبون أن تكون هذه التحركات الأميركية بمثابة تحذير لأنقرة خصوصا أن السفير الأميركي لدى اليونان جيفري بيات، دعا في نفس اليوم ومن نفس المدينة (ألكسندروبوليس) تركيا إلى وقف عمليات التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اليونانية، والتوقف عن زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وجدد السفير الأميركي رفض بلاده الادعاءات التركية بشأن حدودها مع ليبيا في المتوسط، قائلاً "لقد أشرت أيضاً في مناسبات عديدة، وسأوضح اليوم مرة أخرى، أن الولايات المتحدة تلتزم بمبدأ القانون البحري الدولي بأن الجزر، بما في ذلك كاستيلوريزو، لها الجرف القاري نفسه وحقوق المنطقة الاقتصادية الخالصة تماماً مثل أي إقليم في البر الرئيسي".

والعلاقات بين اليونان وتركيا حساسة تقليديا، ففضلا عن التوتر المتصاعد بشأن انتهاكات أنقرة بالتنقيب عن النفقط قبالة المياه القبرصية وتوقيعها لاتفاقية مثيرة للجدل مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، فقد اتهمت أثينا جارتها في السنوات الأخيرة بالسماح لعشرات آلاف اللاجئين بالوصول إلى الجزر اليونانية وابتزاز الاتحاد الأوروبي بفتح أبوابها أمام المهاجرين.

كما اشتدت الخلافات هذا الأسبوع بعد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحويل متحف آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد. وكان آيا صوفيا في السابق متحفا ويحظى بأهمية كبرى لدى المسيحيين الأرثوذوكس في اليونان حيث دقت أجراس الكنائس حدادا في أنحاء البلاد الجمعة بينما تفاخر الرئيس التركي بأداء أول صلاة بالموقع الأثري وذلك منذ تسعة عقود.

وتسعى تركيا للاستحواذ على موارد من المناطق الاقتصادية الحصرية في مياه اليونان وحليفها الوثيق قبرص، ولتنفيذ ذك سارع أردوغان في نوفمبر الماضي لتوقيع اتفاق بحري مع حكومة الوفاق الليبية لـ"شرعنة" عمليات التنقيب عن الغاز في المتوسط فضلا عن تدخله العسكري في ليبيا دعما لحكومة طرابلس يالسلاح والمرتزقة السوريين مقابل الحصول على حصة من النفط وإعادة الاعمار في ليبيا التي تشهد صراعا منذ 2011.

وقال مايكل روبين الكاتب في مجلة "ناشيونال إنترست" إن أردوغان يسعى من خلال إرسال سفينة التنقيب إلى الجزيرة اليونانية لإلغاء معاهدة لوزان، واستعادة بعض أراضي الإمبراطورية العثمانية خارج حدود تركيا الحالية.

وأضاف روبين أن "أردوغان قد مهد الساحة لإلغاء معاهدة لوزان. ففي ديسمبر 2017، فاجأ الجمهور اليوناني خلال زيارة له إلى هناك، حيث طرح الفكرة (إلغاء المعاهدة)".

واقترح أردوغان آنذاك، أن يضم مدينة كاردزهالي إلى بلاده على اعتبارها تقع في "الحدود الروحية" لتركيا، ما أدى إلى مظاهرات في بلغاريا التي كانت تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت.

وبدأت وسائل الإعلام والصحف التركية الموالية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في الترويج لذلك عبر نشر خرائط لتركيا ذات حدود أوسع تضم أجزاء من الدول المجاورة.

ومعاهدة لوزان في 1923 كانت الانطلاقة لتأسيس الجمهورية التركية الحديثة، حيث تم إبرامها مع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى ضمن شروط تم يموجبها إلغاء الخلافة في الدولة العثمانية وإعلان علمانية الدولة، ومنع تركيا من التنقيب عن البترول واعتبار مضيق البسفور الرابط بين البحر الأسود وبحر مرمرة، ثم إلى البحر المتوسط ممرا دوليا لا يحق لتركيا تحصيل رسوم من السفن المارة فيه.

وتنتهي هذه المعاهدة بحلول 2023 ليكون قد مر عليها مائة عام، ومن هنا يتم الكشف عن مساعي أردوغان لبداية عهد جديد يعيد لأنقرة الحق في التنقيب عن النفط وحفر قناة جديدة تربط بين البحرين الأسود ومرمرة تمهيدا للبدء في تحصيل الرسوم من السفن المارة.

ولم يستبعد روبين أن تلجأ اليونان إلى الخيار العسكري إذا تقدم أردوغان أكثر في شرق المتوسط.

وقال مصدر عسكري في البحرية اليونانية في وقت سابق من الأسبوع الماضي إنّ "الوحدات البحرية نُشرت منذ الثلاثاء في جنوب وجنوب شرق بحر ايجه"، مشيرا إلى أنّ الوحدات "مستعدة للرد على أي نشاط".

وذكر متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن الإجراء التركي "لا يساعد ويبعث بالرسالة الخاطئة" داعيا لاتخاذ القرارات المتعلقة بالحقوق البحرية "من خلال الحوار والمفاوضات".

وكشفت وسائل إعلام ألمانية أن المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، منعت نشوب حرب بين اليونان وتركيا الأسبوع المنقضي.

وذكرت صحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار في ألمانيا أنها حصلت على معلومات تفيد بأن ميركل بذلت جهودا دبلوماسية حالت دون وقوع الحرب بين البلدين في اللحظة الأخيرة، عندما كاد جيشا البلدين يفتحان النار على بعضهما البعض.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصراع بين الدولتين كاد ينشب قرب جزيرة كاستيلوريزو، وذلك بعد أن أعلنت أنقرة نيتها إجراء عمليات تنقيب قرب الجزيرة اليونانية القريبة من سواحل تركيا.

من جهته دعا الرئيس الفرنسي خلال لقائه نظيره القبرصي نيكوس أناستاسيادس الخميس في باريس إلى فرض عقوبات على الأطراف الخارجية المنخرطة في الصراع الليبي وعلى منتهكي المجال البحري اليوناني والقبرصي في إشارة إلى إعلان أنقرة مواصلة التنقيب عن الغاز في المتوسط.

وقال أناستاسيادس إنه "لا يمكن للاتحاد الأوروبي الصمت على انتهاك تركيا سيادة دولتين عضوين في الاتحاد"، في إشارة لليونان وقبرص.

وأطلقت تركيا في وقت سابق عمليات استكشاف منفصلة تتعدى على المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، مما أدى إلى موافقة الاتحاد الأوروبي على إطار قانوني للعقوبات المفروضة على الأفراد والشركات المشاركة في تلك العمليات.

والعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة تدهورت على خلفية مسائل عدة منها التدخل العسكري في ليبيا وسوريا ودعمها للجماعات المتشددة، علما بأن تركيا لا تزال رسميا مرشحة لعضوية التكتل.

وفي نفس السياق طالبت الولايات المتحدة الحكومة التركية، الأسبوع الماضي بإلغاء إجراءاتها كافة بالقرب من الجزيرة اليونانية.

وقالت نقلته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء الماضي أن "الولايات المتحدة تدرك أن تركيا أصدرت تنبيها  للتنقيب في المياه المتنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط، ندعو السلطات التركية إلى وقف جميع خطط العمل وتجنب الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة".

وكانت المواقف الأميركية طيلة الفترة الماضية غير واضحة بل وصفت انها متساهلة امام الانتهاكات التركية شرق المتوسط لعدة اعتبارات اهمها رغبة واشنطن في تغليب مصالحها في المنطقة على حساب القوانين الدولية.

من جهة أخرى نفذت القوات البحرية المصرية والفرنسية أمس السبت تدريباً بحرياً عابراً بنطاق الأسطول الشمالي بالبحر المتوسط وذلك باشتراك الفرقاطة الشبحية المصرية (تحيا مصر) مع الفرقاطة الشبحية الفرنسية (أكونيه).

ويأتي التدريب في إطار خطة القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية للارتقاء بمستوى التدريب وتبادل الخبرات مع القوات المسلحة للدول الشقيقة والصديقة، حسبما ذكر المتحدث العسكري العقيد تامر الرفاعي على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.

لكن مصر كما فرنسا كانتا قد حذرتا تركيا في وقت سابق من أن أي دعم ستدفع به حكومة الوفاق الليبية نحو اقتحام مدينة سرت الاستراتيجية الغنية بالنفط ستكون عواقبه وخيمة، حيث هدد القاهرة بتدخل عسكري لصالح الجيش الوطني الليبي حماية لأمنها القومي فيما دعت باريس لفرض عقوبات على أنقرة لتدخلها العسكري في ليابيا وإرسالها الأسلحة والمرتزقة إلى حكومة فائز السراج التي يدعمها أردوغان.