Ana içeriğe atla

7 رؤساء حكموا، ولكن إيران في مكانهِ

الأنتخابات
AvaToday caption
خامنئي الذي أتى مدعوماً بروح ثورية كبيرة، وأجواء عاطفية مشحونة في الحرب الإيرانية-العراقية، تم انتخابه لدورة ثانية العام 1985، بنسبة أصوات 87%، حيث صوت له 12.2 مليون ناخب
posted onJune 13, 2021
noyorum

منذ انتصار "الثورة الإسلامية" في إيران العام 1979، يذهب الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع في 18 يونيو الجاري للمرة الثالثة عشرة لاختيار رئيس لجمهوريتهم، سيكون ثامنَ من يتولى المنصب، بعد 7 رؤساء حكموا في ظروف مختلفة، لعل أكثرهم حظاً علي خامنئي، الذي أصبح مرشداً للثورة بعد أن كان رئيساً للجمهورية، أي أنه في صلب العملية السياسية للنظام منذ العام 1979، كواحدٍ من أبرز مرافقي مؤسسه روح الله الموسوي الخميني!

المنفى الباريسي

أبو الحسن بني صدر، أول رئيس منتخب في إيران الثورة، حيث ذهب الإيرانيون للتصويت في يناير 1980 لاختيار رئيس للنظام الجديد.

أكثر من 14 مليون ناخب، من أصل 20.9 مليون إيراني يحق لهم التصويت، شاركوا في الاقتراع، بما نسبته 67.4%، حيث فاز بني صدر بأكثر من 10 ملايين صوت، بما نسبته 75.6%، وهو الشاب الذي ناضل ضد حكم الشاه الراحل محمد رضا بهلوي، وكان حاضراً إلى جانب الخميني في منفاه الفرنسي، بمحلة "نوفل لوشاتو"، كوجه مدني للثورة التي قادها رجل دين.

بني صدر تصاعدت خلافاته مع عدد من أقطاب الثورة، من بينهم الرئيس السابق لـ"السلطة القضائية" آية الله محمد بهشتي، والرئيس السابق علي أكبر رفسنجاني. كما تم اتهام أبو الحسن بني صدر بـ"ضعف إدارة الحرب الإيرانية – العراقية"، لتتصاعد خلافاته مع مؤسس الثورة آية الله الخميني، ويصدر "مجلس الشورى الإسلامي" قراراً بإقالته، ويترك المنصب في يونيو 1981.

بني صدر، الذي رجع مع الخميني من فرنسا إلى إيران، غادر "الثورة" إلى البلد الأوربي الذي عاد منه، ليكون محطة انطلاق له لنقد النظام السياسي الحاكم في إيران مجدداً، ولكن هذه المرة ليس معارضاً لعرش الشاه، بل لسلطة رجال الدين.

المعلم المقتول

بملابس بسيطة وسحنات فرد آتٍ من "الشعب"، قدم محمد علي رجائي أوراق اعتماده لآية الله الخميني رئيساً للجمهورية الإيرانية العام 1981، خلفاً لأبو الحسن بني صدر، حيث كان رجائي رئيساً للوزراء في حكومة سلفه.

رجائي فاز بنسبة بلغت 91%، بأصوات نحو 12.9 مليون ناخب من أصل 14.5 مليون إيراني شاركوا في الانتخابات.

المعلم الذي درس "التربية"، كان مشاركاً في الحراك ضد الشاه محمد رضا بهلوي منذ بداياته، وتالياً أصبح وزيراً في حكومة الراحل مهدي بازركان.

اتصف رجائي بالروح "الثورية"، على العكس من رئيس الجمهورية حينها أبو الحسن بني صدر، الذي كان أكثر ليبرالية وبرغماتية.

بني صدر الذي دخل في صراع مع رجال الدين، جاء محمد علي رجائي من بعده ليعين عالم دينٍ رئيساً للوزراء، ألا وهو الشيخ محمد جواد باهنر. وقد اغتيلا (رجائي وباهنر) في تفجير مكتب رئيس الوزراء الإيراني، في أغسطس 1981، وهي العملية التي تشير بعض التقارير إلى تورط منظمة "مجاهدي خلق" في تنفيذها.

الرئيس المرشد

في أكتوبر 1981، وبعد أن فقد الإيرانيون رئيس جمهوريتهم ورئيس الوزراء في عملية اغتيال، ذهبوا مجدداً لاختيار رئيس جديد، مدفوعين بالرغبة في "الوفاء لدماء رجائي وباهنر"، ولذا جاءت نسبة المشاركة أعلى من الدورتين السابقتين، لتبلغ 74.2%، حيث شارك 16.8 مليون ناخب، صوت منهم 16 مليوناً لصالح السيد علي خامنئي، بما نسبته 97.01%، لتكون أعلى نسبة أصوات يحصل عليها رئيس إيراني، في مختلف الدورات الانتخابية منذ 1979 وحتى اليوم.

خامنئي الذي أتى مدعوماً بروح ثورية كبيرة، وأجواء عاطفية مشحونة في الحرب الإيرانية-العراقية، تم انتخابه لدورة ثانية العام 1985، بنسبة أصوات 87%، حيث صوت له 12.2 مليون ناخب، من أصل 14.2 إيراني ذهبوا لصناديق الاقتراع، في انتخابات شارك فيها 54.7% ممن يحق لهم التصويت.

آية الله خامنئي هو أكثر السياسيين نفوذاً، فبعد أن أتم دورتين كرئيس للجمهورية، انتخب مرشداً للثورة العام 1989، كخليفة لآية الله الخميني، حيث لا يزال والياً للفقيه، بعد أن أحكم إدارته لمفاصل الدولة، وأصبح صاحب الكلمة الفصل، على عكس بقية الرؤساء الذين تفرقت بهم السبل!

الشيخ الرئيس

علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أو "شاه الثورة الخمينية"، رفيق درب المؤسس منذ البدايات، والرجل الذي أقنع الخميني بوقف الحرب الإيرانية-العراقية، جاء رابع الرؤساء في تاريخ الجمهورية الإسلامية، حيث صوت له العام 1989، نحو 96% من الناخبين، حاصداً 15.5 مليون صوت، من أصل 16.4 مليون مشارك.

هذا الفوز الكاسح جاء وسط رغبة الإيرانيين بتجاوز حقبة "الحرب" والبدء في مرحلة "الإعمار والبناء"، ولذا كان حزب رفسنجاني يعرف بـ"كوادر البناء"، وهو التيار العريض من التكنوقراط والسياسيين المعتدلين والمثقفين، الذي شكله رفسنجاني خلال سنين حكمه، وأراد من خلاله ترسيخ "الدولة" وترويض "الثورة"!

رفسنجاني حكم لدورتين متتاليتين، حيث أعيد انتخابه العام 1993، حاصلاً على 10.4 مليون صوت، يمثلون 64% من الناخبين، وهو التراجع الذي أتى نتيجة وجود امتعاض شعبي وسط الطبقة المتوسطة والفقيرة، جراء سياسات هاشمي رفسنجاني، التي أراد من خلالها إصلاح الاقتصاد، مما اضطره لانتهاج تعديلات حكومية اعتبرها البعض قاسية تجاه الطبقات الأكثر حاجة، إلا أنه رآها ضرورية من أجل إعادة إنعاش اقتصاد أنهكته الحرب والمقاطعة الدولية.

رفسنجاني الذي عمل على تثبيت السيد علي خامنئي مرشداً للثورة، انتهى به الحال رئيساً يشتكي "إضعاف رفاق الدرب له"، وتهميش صورته لصالح أحمدي نجاد، الابن المدلل للمرشد، قبل أن يتمرد!

رفيق درب معلمه الخميني، والذي كان مقرباً منه، توفي العام 2017، بعد تضييق طال عائلته، وتشويه لسمعته، لتكون ابنته فائزة من بعده صوتاً معبراً عن تمرد أبناء الثورة على "إخوةِ درب أبيها"!

الرئيس المثقف

جاء الرئيس محمد خاتمي، ليكمل مسيرة سلفه هاشمي رفسنجاني، رغم أنهما ينتميان لخطين مختلفين، كانا في مرحلة سابقة في تنافس وصراع مستمرين.

69 % من الإيرانيين الـ29 مليوناً الذين شاركوا في الانتخابات عام 1997 صوتوا لصالح خاتمي، الذي جاء بوعود بـ"الإصلاح" و"الانفتاح على العالم" و"كسر العزلة الدولية".

"حوار الحضارات" كانت أهم أطروحة قدمها الرئيس خاتمي للعالم الخارجي، ومن خلالها سعى لأن يغير الصورة النمطية للجمهورية الثورية، وبالتالي نقلها من صورة الدولة المتمردة إلى الدولة المتناغمة مع محيطها الإقليمي.

زار السيد خاتمي السعودية، والتقى الراحل الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، وواصل ما بدأه هاشمي رفسنجاني من انفتاح على دول الخليج العربية، إلا أن صاحب الابتسامة العريضة، والمثقف الذي نشرت له "دار الجديد" اللبنانية عدداً من الترجمات العربية لمؤلفاته، واجه صعوبات كبيرة من التيار "المتشدد"، وأيضاً من "الحرس الثوري"، الذي وقف أمام العديد من مشاريعه وأفكاره، وعمل على إجهاضها

الإيرانيون التواقون للتغيير، عادوا وانتخبوا محمد خاتمي رئيساً لجمهوريتهم، وبنسبة أكبر، العام 2001، حاصداً 21.6 مليون صوت، من أصل 28.1 مليون مشارك، بنسبة 77%.

خاتمي الذي قاد "التيار الإصلاحي"، وشهدت إيران في عهده نمواً في الحريات الاجتماعية والتعبير النسبي عن الرأي، وإطلاق عدد هائلٍ من الصحف والمجلات، ونقداً لمؤسسات النظام وخطابه التقليدي، انتهى به الحال ممنوعاً من الظهور على وسائل إعلام بلاده، حتى نشر صوره بات غير مسموح به، بعد أن أيد رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، الذي هُزم في انتخابات العام 2009، وهي الانتخابات التي فاز بها الرئيس محمود أحمدي نجاد، وأعقبتها حركة احتجاجات واسعة، أدت لأن يشدد الخناق على رموز التيار "الإصلاحي"!

الابن العاق

قادماً من تجربة يعتبرها البعض ناجحة، وآخرون يرونها متواضعة، ليكون الرئيس السادس في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، العام 2005، ذلك هو محمود أحمدي نجاد، الذي ربح الانتخابات بنسبة 61.6%، حاصلاً على 17.2 مليون صوت، من أصل 27.9 مليون ناخب، بمشاركة شعبية بلغت 59.7%، أي أقل من سابقتها التي جاءت بالرئيس محمد خاتمي.

نجاد بمعطفه المتواضع، وسحنته السمراء، وخطابه الشعبوي، وادعاءاته الغيبية، استطاع أن يجذب مؤيدين له من المحافظات الطرفية، والقرى الفقيرة، والطبقات الأكثر تضرراً، وتلك الأوساط التي رأت في الرئيس محمد خاتمي مجرد مثقف يجيد رسم صورة وردية لإيران، إلا أنهم لم يجدوا لها انعكاساً مباشراً على حياتهم اليومية والمعيشية.

نجاد في بدايات حكمه لقي دعماً مباشراً من "جبهة الصمود" الذي كان الراحل آية الله مصباح يزدي بمثابة الأب الروحي لها، وكان هذا التيار منضوياً تحت جناح المرشد آية الله خامنئي ومطيعاً له. وهو ما جعل أحمدي نجاد يحظى بمباركة خامنئي حتى قبالة شخصية لها سبقُ قدمٍ في "النضال" ألا وهو الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني، الذي شن عليه نجاد حملة واسعة، جعلته يعرب عن تذمره منها، وعتبه على رفيق دربه خامنئي الذي لم يدافع عن رفسنجاني كثيراً.

نجاد الذي يعتبره كثير من المراقبين مسؤولاً عن "تدهور العلاقات الخارجية الإيرانية"، فاز برئاسة ثانية العام 2009، في صراع محتدم على السلطة مع "التيار الإصلاحي"، واتهامات بالتزوير، بعد أن حصد 24.5 مليون صوت، من أصل 39.3 مليون مشارك، أي ما نسبته 62.6% من أصوات المقترعين الذين بلغت نسبة مشاركتهم 84.8%، وهي أعلى نسبة مشاركة شعبية في تاريخ الثورة.

نسبة المشاركة المرتفعة أتت بعد أن حشد "التيار الإصلاحي" أنصاره، بهدف إحداث تغيير في سياسات النظام، والعمل على إصلاح ما يعتبرونه "خللاً" طال مسيرة الجمهورية، وهذه الآمال الكبيرة لدى أنصار السيد مير حسين موسوي انتهت إلى مواجهات واسعة في عدة مدن ومحافظات، ووضع مير حسين موسوي والشيخ مهدي كروبي في الإقامة الجبرية!

محمود أحمدي نجاد، الذي أُخليت له الساحة، لم يكن عند حُسنِ ظَنِ المرشد خامنئي به، وهو الذي منعه من تقبيل يده ذات مرة، في دلالة على بدايات فتور في العلاقة بين الشخصيتين؛ وهو الأمر الذي انعكس على تأييد التيار "المتشدد" له، حيث بدأت "جبهة الصمود" في التخلي عن دعمها لنجاد، الذي أسس تالياً تياره الخاص، مطلقاً عليه اسم "دولة الربيع"!

نجاد عاد وترشح لانتخابات العام 2017، على عكس نصيحة المرشد خامنئي له، إلا أنه لم تقبل أهليته، ليعيد المحاولة العام 2021، ويتم رفض ترشيحه مجدداً، ليزيد من منسوب نقده للنظام الذي كان جزءا منه.

الرئيس المُكبل

لدورتين انتخابيتين متتاليتين، الأعوام 2013 و2017، يأتي الشيخ حسن روحاني كرئيس للجمهورية، مدعوماً بتجربة حكومية طويلة، كان فيها عضواً في "مجلس الشورى" و"مجلس تشخيص مصلحة النظام" و"مجلس خبراء القيادة"، وأيضاً الأمين العام لـ"المجلس الأعلى للأمن القومي"، حيث نجح وقتها في عقد اتفاق أمني تاريخي بين السعودية وإيران، وقعه حينها وزير الداخلية السعودي الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود.

في دورته الأولى، فاز روحاني بنحو 50.7% من أصوات الناخبين المشاركين، حاصداً 18.6 مليون صوت، من أصل 36.8 مليون صوت.

أما الدورة الثانية، العام 2017، فقد زادت نسبة التأييد لروحاني، حيث صوت له 57% من المقترعين، بواقع 23.6 مليون إيراني، من أصل 41.3 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم، ونسبة مشاركة فاقت سابقتها بنحو 1%، بالغةً 73.3% من المسجلين الذين يحق لهم التصويت.

الإيرانيون دعموا روحاني بشكل واسع، معلقين آمالاً عريضة عليه، وخصوصاً بعد أن وقعت حكومته "خطة العمل الشاملة المشتركة"، العام 2015، مع مجموعة دول الـ5+1، إبان رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة الأميركية، قبل أن ينسحب من الاتفاق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، العام 2018.

روحاني الذي حمل مجيئه تطلعات شعبية بأن تتحسن علاقات إيران مع جوارها الخليجي، ويزدهر اقتصادها، شهدت فترة حكمه هجوماً من "المتشددين" على المقار الدبلوماسية السعودية في إيران، مما حدا الرياض إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، العام 2016، وهو الهجوم الذي انتقده روحاني بشدة.

"الرئيس المُكبل"، ربما تسمية تصف وضع روحاني وحكومته، بعد توغل "الحرس الثوري" في السلطة، وإحكام المرشد آية الله خامنئي قبضته على القرارات المفصلية للدولة؛ ولذا، شهدت إيران أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية عدة في عهد روحاني، الذي وجد نفسه محاصراً من عدة جهات، وأتت جائحة كوفيد-19 لتزيد الطين بلة!

سبعة رؤساء تعاقبوا على إيران الثورة، إلا أن المرشد الحالي علي خامنئي كان أكثرهم ديمومة وبقاء وقوة وإمساكاً بمفاصل الدولة، رغم أن منصب رئاسة الجمهورية في عهد رئاسته كانت صلاحياته محدودة، إلا أن شخصية خامنئي وإمكانياته الذاتية وعلاقاته المتشعبة، وقدرته على الحسم وإبعاد المختلفين، جعلته الأقوى بين جميع من أتوا لسدة الحكم في الثورة، ليكون الرجل الثاني بعد المؤسس روح الموسوي الخميني.

من هنا، أياً يكن الرئيس الثامن القادم لإيران، سيصبحُ في ظلال الولي الفقيه، خاضعاً لسلطته الدستورية والفقهية والرمزية، وأيضاً تحت سلطة الأمر الواقع التي تقول: إن كل من يخرجُ عن جادة الثورة ومرشدها لن تكتب له الديمومة والنجاح!