Skip to main content

مهاجرون محاصرون بين بيلاروسيا وبولندا

مهاجرون
AvaToday caption
يحتشد آلاف المهاجرين منذ أيام في أجواء جليدية عند الحدود بين بولندا وبيلاروس على أبواب الاتحاد الأوروبي، وصعد وجودهم الأزمة بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي الذي يتهم مينسك بدعم من روسيا باستغلال المهاجرين غير القانونيين للضغط على الاتحاد
posted onNovember 10, 2021
nocomment

تتصاعد حدة أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا في ظل محاولات مهاجرين تقطعت بهم السبل، معظمهم من العراق وسوريا وأفغانستان، اختراق الحدود البولندية عدة مرات في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على بيلاروسيا.

وقالت بولندا، الأربعاء، إن المهاجرين المحاصرين في بيلاروسيا قاموا بمحاولات عديدة للدخول إلى بولندا بالقوة خلال الليل، معلنة أنها عززت الحدود بآلاف الجنود لمنعهم من العبور.

وأظهر تسجيل مصور من الحدود حصلت عليه رويترز أطفالا ورضعا بين الناس العالقين هناك.

وقال الشخص الذي قدم الفيديو لرويترز إن "هناك الكثير من العائلات مع أطفال تتراوح أعمارهم بين شهرين وأربعة أشهر، لم يأكلوا أي شيء خلال الأيام الثلاثة الماضية."

ويظهر رجال ونساء وأطفال تحت خيم أو على الأرض محاولين الحصول على بعض الدفء من نار أضرموها بينما تقترب درجة الحرارة من صفر مئوية.

وأفاد حرس الحدود البولندي بحصول 599 محاولة عبور غير شرعية للحدود يوم الثلاثاء، مضيفا أن 9 أشخاص اعتقلوا وأعيد 48 أخرون.

وقال مسؤولون بولنديون إن وارسو أرسلت تعزيزات إضافية للمنطقة ليترفع بذلك عدد الجنود المتمركزين على الحدود مع بيلاروسيا من 12 ألفا إلى 15 جندي.

ولقي 10 مهاجرين على الأقل مصرعهم في المنطقة منذ بداية الأزمة بينهم سبعة على الجانب البولندي من الحدود، حسب صحيفة غازيتا فيبورتشا اليومية البولندية

يستعد هيمن جبرائيل البالغ من العمر 28 عاما لتوضيب حقائب السفر والهجرة إلى أوروبا بعد أن وصل إلى حافة اليأس، كما يقول لفرانس برس، لينضم إلى أكثر من أربعة آلاف شاب غادروا إقليم كوردستان، وكثيرون منهم عالقون حاليا على حدود بيلاروسيا مع الاتحاد الأوروبي.

في مدينة أربيل، عاصمة الإقليم في شمال العراق، يقود جبرائيل، صاحب اللحية السوداء الطويلة، سيارة الأجرة التي يعتاش منها. ويقول لفرانس برس "هنا نرى الموت كل يوم".

لا يفصح عن الطريق الذي سيسلكه إلى أوروبا حيث بات المهاجرون العالقون على حدود بولندا وقودا لأزمة سياسية بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي.

يدرك جبرائيل أن "الطريق طويل، ربما نتعرض للمصاعب لمدة عشرين يوما". لكن ذلك أفضل من البقاء، برأيه، "فعندما تصل إلى حيث تريد، ستعيش حياة هادئة. هناك عدالة اجتماعية وينظر الى الجميع بعين المساواة، ويمكن أن تضمن مستقبلك".

يشكو الشاب خصوصا غياب "فرص العمل في القطاعين الخاص والحكومي. تم احتكار كل شيء من فئة معينة في المجتمع". ويضيف "لدي أربعة أخوة خريجي جامعة، ولأنهم لم ينتموا إلى الأحزاب السياسية، لم يحصلوا على تعيين في القطاع الحكومي" في الإقليم الذي يهيمن على المشهد السياسي فيه حزبان تقليديان هما الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني.

منذ نحو ثلاثة أشهر، غادر آلاف الشباب مدن الإقليم، 1600 منهم توجهوا إلى بيلاروسيا، وفق إحصاءات جمعية اللاجئين الكوردستانية التي تقدر عدد اللاجئين الكورد الموجودين حاليا على حدود بيلاروسا بنحو أربعة آلاف، أغلبهم من الشباب وبينهم أيضا أطفال ونساء وكبار في السن، دخلوا البلاد بتأشيرة سياحية.

وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، قال القنصل الفخري في أربيل فؤاد مامند "كانت مكاتب سياحية تعمل على تأمين تأشيرات سياحية إلى بيلاروسيا للراغبين بالحصول عليها عبر مركز في بغداد ينسق مع السفارة البيلاروسية في أنقرة"، مشيرا إلى أن المركز والقنصليتين الفخريتين التابعتين لبيلاروسيا في بغداد وأربيل أغلقتا منذ أسبوع، بناء على طلب من الحكومة العراقية.

شرقا في السليمانية، إحدى مدن الإقليم الكبرى، هيوا فريق محمد عازم أيضا على الرحيل، بسبب الظروف الاقتصادية وفقدانه الشعور بالأمان. وسبق له أن قام بأربع محاولات لذلك. هذه المرة، يقول إنه سيسلك طريق بيلاروسيا إلى أوروبا.

ويقول الرجل البالغ من العمر 44 عاماً ولديه مكتب تصميم بطاقات "وصلت بي الأمور إلى عدم التمكن من دفع إيجار مكتبي".

ويروي "لم أشعر بالأمان طيلة حياتي في الإقليم وفي العراق" الذي يعاني منذ أكثر من 40 عاماً من سلسلة أزمات وحروب.

ويضيف فريق محمد "أريد الهجرة لأضمن حياة أفضل لابني وابنتي". 

ودفع نجل دلير إسماعيل محمود حياته ثمنا للوصول إلى أوروبا. وينتظر الوالد المفجوع البالغ من العمر 55 عاما إعادة الجثمان إلى أربيل منذ 11 يوما من بيلاروسيا.

ويروي أن ابنه كيلان البالغ من العمر 25 عاما كان يعاني من "مرض السكري ومرض التهاب الحبل الشوكي". وبسبب البرد والجوع، ساءت صحته كثيرا على الحدود وفارق الحياة.

 ويحتشد آلاف المهاجرين منذ أيام في أجواء جليدية عند الحدود بين بولندا وبيلاروس على أبواب الاتحاد الأوروبي، وصعد وجودهم الأزمة بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي الذي يتهم مينسك بدعم من روسيا باستغلال المهاجرين غير القانونيين للضغط على الاتحاد.

ووضعت وارسو أسلاكا شائكة للتصدي للمهاجرين ونشرت قوة عسكرية كبيرة لمنعهم من دخول أراضيها.

ويقول محمود إنه حاول مرات عديدة من دون جدوى الحصول على تأشيرة دخول عبر السفارات والقنصليات الأوروبية لإرسال ابنه إلى أوروبا لتلقي العلاج.

وظن الرجل الذي أرسل ثلاثة من أبنائه وابنته وزوجها وطفلهما ذا الخمسة أعوام مع مهرب للوصول إلى ألمانيا عن طريق بيلاروسيا أن "هذا الطريق سهل لأن العديد عبروا وأبلغونا أنه طريق آمن، فيه مسافة سير لأربع ساعات"، وليس كطريق البحر عبر تركيا الذي ابتلع أرواح الآلاف من المهاجرين خلال السنوات الماضية.

وتمكنت ابنته من العبور إلى بولندا حيث تتلقى العلاج بعدما تعرضت لكسر في رجلها، أما ابنها وزوجها وأشقاؤها فلا يزالون عالقين في بيلاروسيا.

من مينسك، يروي رجل غادر مع عائلته من السليمانية وفضل عدم الكشف عن هويته، عبر الهاتف لفرانس برس، رحلته من الإقليم إلى الحدود مع بولندا.

ويقول الكوردي البالغ من العمر 36 عاما "وصلنا إلى مينسك قبل شهر بالطائرة من إقليم كوردستان العراق، وكنا خططنا أن نعبر من بيلاروسيا إلى بولندا ثم إلى ألمانيا".

لكن الرحلة لم تكن سهلة. "مشينا في جو ممطر وبارد. في بعض المناطق، انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وكان ذلك صعبا على أولادنا، وكنا احيانا نحملهم على أكتافنا".

ويضيف "في الصباح، توجهنا إلى الحدود. كان الجنود البولنديون يقفون في طابور من الجهة الأخرى. كأنهم كانوا يعدون أنفسهم لمعركة مع جنود العدو، علما أننا عائلات ومعنا نساء وأطفال صغار. حاولنا العبور ورفع الأسلاك، ولكن الجنود منعونا وأطلقوا الغاز المسيل للدموع لإجبارنا على التراجع".

بعدما وصل إلى نتيجة أن هذا الطريق مسدود، يقطن الرجل الآن غرفة فندق في مينسك وهو على تواصل مع أقارب له مقيمين في أوروبا ليجد طريقة أخرى لدخول ألمانيا أو بلد أوروبي آخر.

في الأثناء، أعلن مجلس الوزراء العراقي، الثلاثاء، نيته تخصيص 200 ألف دولار لـ"وزارة الخارجية...لصرفها على العراقيين العالقين في بيلاروسيا وليتوانيا وبولندا وإعادتهم طوعا إلى العراق".

كما أعلن مسؤول مكتب العلاقات الخارجية في إقليم كوردستان سفين دزيي في مؤتمر صحفي الأربعاء أن هناك "اتصالا مع القنصل البولندي في الإقليم وممثل الإقليم في بولندا" بشأن المهاجرين، مضيفا أن جميع الرحلات مع بيلاروسيا من بغداد متوقفة الآن.

اتهم رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي، الأربعاء، بيلاروسيا بممارسة "إرهاب دولة" في أزمة المهاجرين غير المسبوقة على حدود بولندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

وقال للصحفيين في وارسو خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال "ما نواجهه هنا ويجب أن نكون واضحين هو إرهاب دولة"، مضيفا أنه يعتقد أن ذلك هو "انتقام صامت" من جانب الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بسبب دعم بولندا للمعارضة.

ويتهم الأوروبيون منذ أسابيع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بتأجيج التوتر من خلال إصدار تأشيرات للمهاجرين وإحضارهم إلى الحدود انتقاما للعقوبات الأوروبية التي فرضت على بلده لقمعه حركة معارضة بعد الانتخابات الرئاسية في 2020.

وطلبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "التحرك" ضد "استغلال المهاجرين من قبل النظام البيلاروسي" على ما قال الناطق باسمها شتيفن زايبرت الأربعاء.

وفي اتصال هاتفي، قالت المستشارة المنتهية ولايتها إن "استغلال المهاجرين أداة" على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا "أمر غير مقبول"، كما ورد في تغريدة للناطق الرسمي باسم ميركل.

وكان رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتسكي اتهم، الثلاثاء، بوتين بالوقوف وراء موجة تدفق غير مسبوقة لمهاجرين يسعون لدخول بولندا من بيلاروسيا ما يهدد بزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي.

وقال مورافيتسكي خلال جلسة طارئة للبرلمان البولندي إن "العقل المدبر لهذا الهجوم الذي يقوده لوكاشنكو هو في موسكو، العقل المدبر هو الرئيس بوتين".

ورفض الكرملين، الأربعاء، اتهامات رئيس الوزراء البولندي، وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف في مؤتمر صحافي "نعتبر تصريحات رئيس الوزراء البولندي بأن روسيا مسؤولة عن هذا الوضع غير مسؤولة وغير مقبولة على الإطلاق".

واعتبرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه الأربعاء أن أزمة المهاجرين غير المسبوقة على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا "غير مقبولة"، مؤكدة على ضرورة ألا يقضي اللاجئون ليلة أخرى عالقين بين البلدين.