Skip to main content

خامنئي وإيران بين النووي أو الاتفاق

خامنئي
AvaToday caption
المشكلة في هذه الاستراتيجية المزدوجة أنها تتضارب مع بعضها. فكيف يفاوض وزير الصناعة الايراني رضا فاطمي أمين في دبي وصواريخ الحوثي الايرانية الصنع تستهدف أبو ظبي؟
posted onFebruary 12, 2022
nocomment

جويس كرم

أسابيع مفصلية تواكب مفاوضات فيينا بين إيران والدول الكبرى وستقرر مسار الديبلوماسية أو المواجهة في الملف النووي الإيراني والتي سيحسم مصيرها المرشد الأعلى في طهران علي خامنئي.

المفاوضات التي بدأت منذ عام هي في شوطها الأخير وإدارة جوزيف بايدن أبلغت الكونغرس بوقائع ”صادمة“ هذا الأسبوع حول التقدم الذي قطعته طهران في تسريع برنامجها والذي يضعها اليوم على عتبة شهر أو أقل من امتلاك القدرة على تطوير سلاح نووي. المفاوض الأميركي يرى أيضا فترة ”أسابيع“ متبقية للمفاوضات في فيينا والتي ستحسم نتائجها قبل نهاية الشهر الجاري.

الا أن الجانب الأميركي يدرك أن كلمة الحسم في المفاوضات النووية ليست في فيينا بل في طهران وبيد خامنئي والنخبة العسكرية في إيران وليس الوجوه التي تحمل محفظة الأوراق وجدول التخصيب في أوروبا.

خامنئي كعادته لن يحشر إيران في خيار محدود ومنفرد، فهو يريد الاتفاق ولو بصيغة مرحلية لقبض الأموال ورفع العقوبات وفي الوقت نفسه هو يريد أن يلوح بالمظلة العسكرية لبرنامجه النووي والصاروخي وليستمر هذا التهديد حتى في حال العودة للاتفاق.

اليوم المفاوضات لا تجري حصرا حول العودة الى اتفاق ٢٠١٥ والذي لم تعد بنوده قابلة للتطبيق مثل المسافة التي قطعتها إيران في امتلاك قدرة تطوير سلاح نووي. فهذه المسافة كانت عاما منذ ستة أعوام وهي اليوم شهر على الأكثر. وبالتالي فعلى الغرب واسرائيل التعامل مع خيارين: عودة ايران إلى اتفاق مرحلي يضبط قدرتها التخصيبية، فشل الوصول الى اتفاق والتحضير لتصعيد بكافة الوسائل يوقف طهران من تطوير قدرة التسلح النووي.

من دون شك فإن ادارة بايدن تفضل الخيار الأول أي الوصول الى اتفاق مرحلي مع إيران، وحتى النخبة الأمنية الاسرائيلية تدرك اليوم خطأ الانسحاب من الاتفاق السابق وخطورة المنعطف الحالي. الخلافات هي حول تفاصيل الاتفاق المرحلي وأي من الحسابات المالية المجمدة يتم فتحها أمام إيران وأي عقوبات يتم رفعها.

هناك أيضا حديث عن دور دولة خليجية مستعدة لدفع غرامة مالية كبيرة لإيران في حال افراجها عن الرهائن الأميركيين ولإحراز نقاط مع البيت الأبيض الغير قادر سياسيا على دفع هكذا غرامة لإيران إنما يرى في خطوة الإفراج عن الرهائن غطاء جيدا للدفع باتفاق.

إيران اليوم تفاوض حول المال لتجميد البرنامج انما ليس لتعديل استراتيجيتها السياسية وهي تمسك بالغرب والمنطقة كرهائن من خلال تخصيبها اليورانيوم بنسب قياسية وتهديد أمن المنطقة من هرمز الى المتوسط عبر ميليشيات وعصابات تهريب محترفة.

في نفس الوقت تحاول طهران ابراز وجه ألطف للخارج بإرسال موفد الى الامارات، آخر الى السعودية والعراق والقيام بزيارات لموسكو والصين والابتسام للكاميرات في فيينا.

المشكلة في هذه الاستراتيجية المزدوجة أنها تتضارب مع بعضها. فكيف يفاوض وزير الصناعة الايراني رضا فاطمي أمين في دبي وصواريخ الحوثي الايرانية الصنع تستهدف أبو ظبي؟

لا اميركا ولا المنطقة تغيب عنها نوايا إيران والازدواجية في استراتيجية والتي عمرها أكثر من أربعة عقود وتريد اقتناص أموال الغرب وفي نفس الوقت زعزعة وابتزاز أمن الشرق.

أي اتفاق مرحلي يمضي به خامنئي وهو أمر مرجح نظرا لحاجة ايران للمال وعدم استعجالها القنبلة النووية، سيحفظ هذه الازدواجية في دور إيران ومقاربتها الخارجية، إنما سيواجه هذه المرة مقاومة أشرس أميركيا وإقليميا في باقي الملفات.

أما الفشل في الوصول الى الاتفاق فسيشرع باب التصعيد الاقتصادي والاستخباراتي والعسكري إقليميا وقد يأخذ طهران الى منعطف مختلف عن ما شهدته العقود السابقة وباتجاه معارك ضيقة المساحة إنما مفتوحة لمنع تطويرها قدرة السلاح النووي.