بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

المحافظون المتشددون يفاقمون قمع السينمائيين

إبراهيم رئيسي
AvaToday caption
فإن وسائل الإعلام الأجنبية قد سلطت الضوء على خبر اعتقالهما، فإن موجة القمع التي تضرب السينما الإيرانية منذ أشهر قد طالت شخصيات أخرى أيضا
posted onSeptember 4, 2022
noبۆچوون

بعد عام على وصول الرئيس المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في إيران، بات قمع السلطات يستهدف قطاع السينما، والتي يعد كل من جعفر بناهي ومحمد رسولوف من أيقوناتها بالخارج، وقد جسّد اعتقالهما في يوليو/ تموز انعكاسا للضغوط الكثيرة التي يخضع لها السينمائيون والممثلون على حد سواء.

"من حان دوره؟".. تساؤل بات لسان حال الأوساط السينمائية الإيرانية منذ اعتقال المخرجين جعفر بناهي ومحمد رسولوف في يوليو/تموز بطهران.

ويعتبر جعفر بناهي الذي حكم عليه في 2010 بالسجن 6 سنوات بتهمة "الدعاية ضد النظام"، من أكثر السينمائيين الإيرانيين تكريما. فقد نال جائزة السيناريو في مهرجان كان عام 2018 عن فيلم "ثلاثة وجوه"، وذلك ثلاث سنوات بعد جائزة الدب الذهبي في برلين عن فيلم "تاكسي طهران".

بدوره، حاز المخرج محمد رسولوف على جائزة الدب الذهبي في برلين عام 2020 عن فيلم "لا وجود للشيطان"، وكذلك جائزة أخرى ضمن فئة "نظرة معينة" في مهرجان كان عن فيلمه الروائي الطويل "الرجل النزيه".

ورغم أن المخرجين ذائعا الصيت، وأن  وسائل الإعلام الأجنبية قد سلطت الضوء على خبر اعتقالهما، فإن موجة القمع التي تضرب السينما الإيرانية منذ أشهر قد طالت شخصيات أخرى أيضا.

في السياق، قالت عسل باقري الأستاذة الباحثة بجامعة سيرجي- باريس والخبيرة في السينما الإيرانية: "لم تبدأ موجة الاعتقالات هذه مع بناهي ورسولوف". فقد تم توقيف العشرات من صناع الأفلام الوثائقية قبل أيام فقط من مهرجان كان السينمائي في مايو/أيار، بينهم مينا كيشافارز وفيروزه خسرافاني، وهما مخرجتان يتم دعوتهما بشكل منتظم إلى فرنسا وتكريمهما في المهرجانات الدولية. وتخشى باقري من أن "هذه  هي البداية فحسب". حيث يتعرض سينمائيون آخرون للضغط أيضا. ففي نهاية شهر أغسطس/آب، استدعت المحاكم الإيرانية كلا من مجيد برزيغار ومحسن أمير يوسفي، وهما من صانعي الأفلام الوثائقية الملتزمين. وضع تأسف له الخبيرة في السينما الإيرانية التي قالت: "ندخل مرحلة من القمع التي تضر بالثقافة".

هذه المرة، وإثر عودتهم من مهرجان كان، وجد فريق عمل فيلم سعيد روستاي "ليلى وإخوتها" أنفسهم في مأزق، رغم أنهم حظوا بتصفيق حار خلال المهرجان عن عملهم الذي يعرض حاليا في دور السينما الفرنسية.

فلم يتم فقط حظر الفيلم الذي سلّط الضوء على تداعيات الأزمة الاقتصادية بدون أي تابوهات، بل تعرض فريق العمل إلى الضغط، خصوصا نافيد محمد زاده، وهو أحد الممثلين الرئيسيين، وتم تعليق العديد من عروضه المسرحية. تقول عسل باقري: "في فيلمه، نجح سعيد روستاي في التلاعب بطريقة ذكية جدا بالخطوط الحمر، لكن عرض فيلمه في مهرجان كان، بالتزامن مع مرور البلاد بأزمة اجتماعية خطيرة، تسبب في توتر السلطات الإيرانية".

وإضافة إلى البعد السياسي، ترى عسل باقري أن "بعض السلوكيات في كان قد أثارت استياء السلطات". وتضيف: "في إيران عندما يتم الحكم على الفيلم من الناحية الأخلاقية فهذا يشمل المحتوى ولكن أيضا كل ما يدور حوله، بما في ذلك مواقف وتصريحات الممثلين والمخرجين في وسائل الإعلام، وبشكل خاص في الخارج".

وبالنسبة لفيلم "ليلى وإخوتها"، فقد اعتبرت السلطات الإيرانية أن "القبلة الفرنسية" بين نافيد محمد زاده وزوجته على درج كان تعبيرا عن فرحته بتواجده في المهرجان، أمام كاميرات العالم، "غير أخلاقي" على الرغم من أن الفنانين متزوجان.

كما باتت الممثلة تارانه عليدووستي من فريق التمثيل، والتي اشتهرت بأدوارها في عدة أفلام للمخرج أصغر فرهادي، في منظار السلطات. توضّح عسل باقري في هذا الإطار، أنها "تحظى بشعبية كبيرة في إيران، وهي من أبرز وجوه حركة -أنا أيضا- (Me too) في الأوساط السينمائية الإيرانية، ويعرف عنها جرأتها في تصريحاتها".

لأول مرة، وفي 16 أغسطس/آب، أعلنت مؤسسة السينما الإيرانية وهي هيئة تابعة لوزارة الثقافة، أنه سيكشف قريبا عن قائمة تضم أسماء الشخصيات السينمائية التي يحظر عليها مزاولة المهنة، ورغم عدم صدورها بعد بشكل رسمي، فقد وجّهت تارانه عليدوستي والتي يرجح أن تشمل هذه القائمة السوداء اسمها، خطابا إلى السلطات في رسالة نشرتها على إنستاغرام. واعتبرت الممثلة أن إصدار مثل هذه القائمة "مؤسف" و"غير قانوني".

وفي هذا الشأن، توضّح عسل باقري: "السلطات لم تتحدث من قبل أبدا عن قائمة رسمية. هذا يمثل نقطة تحول قمعية". ففي السابق، كان الحظر المفروض على ممارسة المهنة يتم بشكل فردي حسب كل حالة على حدة، بناء على إدانات قضائية كانت تطال المخرجين، وأحيانا تصدر بشكل غير رسمي.

وتفاقم هذا الوضع مع وصول إبراهيم رئيسي رجل الدين المحافظ المتشدد إلى السلطة بعد أن انتخب رئيسا في يونيو/حزيران 2021. تضيف نفس المتحدثة: "كان الوسط الثقافي يتوقع تفاقم القمع بمجرد تشكيل حكومة المحافظين المتشددين. ما يذكرنا بالأوقات الحالكة في عهد محمود أحمدي نجاد [2005-2013]، والتي شهدت اعتقال العديد من مخرجي الأفلام الوثائقية".

كما أن العلاقات بين السلطة والسينمائيين الإيرانيين متوترة أيضا بسبب السياق الاجتماعي المتفجر. حيث تمر إيران بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها وسط تسارع التضخم. وشهدت البلاد في يونيو/حزيران مظاهرات كبيرة ضد السلطات التي يتهمها المحتجون بعدم الكفاءة وبالفساد خصوصا بعد انهيار مبنى في مدينة آبادان (بمحافظة خوزستان جنوب غرب إيران).

وتلاحظ عسل باقري بأن "المجتمع الإيراني أصبح يحتج أكثر فأكثر وبات جريئا". وتضيف الخبيرة في السينما الإيرانية: "رغم ذلك فإن أعمال هذه الموجة من المخرجين التي تندرج ضمن شكل من أشكال ’السينما الاجتماعية ‘ تعكس أوجاع المجتمع. هم ليسوا سوى انعكاس لهذا الغضب".

كما لم يتردد السينمائيون الإيرانيون في إبداء تضامنهم مع الحركات الاحتجاجية. حتى إن مئة شخصية إيرانية بينها جعفر بناهي ومحمد رسولوف والعديد من الفنانين، وقعوا في يونيو/حزيران رسالة تدعو السلطات إلى "خفض أسلحتها" في وجه المتظاهرين في آبادان. وهذا خصوصا واحد من الأسباب التي بررت السلطات من خلالها حملة الاعتقالات مؤخرا. تقول عسل باقري: "لا يزال بعضهم يتعرضون للضغط وتتم محاسبتهم. يطلب منهم سحب دعمهم بشكل علني لهذه العريضة". وهو ما لم يقبله أي منهم لحد الآن.