Skip to main content

عام 2020 الصعب والخطير على إيران والإيرانيين

بانوراما 2020 إيران
AvaToday caption
إن وهم خامنئي بقيادة العالم الإسلامي ومساعدة جبهة المقاومة، قاده إلی طریق مجهول للوفاء بمهمة هزيمة "جبهة الكفر" التي تقودها الولايات المتحدة
posted onFebruary 2, 2020
nocomment

جواد كوروشي

أظهرت السنة المیلادیة الجديدة حتى الآن أنها ستكون مليئة بالتحديات والمخاطر بالنسبة لإيران:

*  استمرار لـ"اللاحرب" و"اللاتفاوض" مع الولايات المتحدة.

* الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني)، وإمکانیة إعادة انتخاب دونالد ترامب.

* الانتخابات البرلمانية الإیرانیة وتنحي علي لاريجاني، آخر شخصية سياسية معتدلة.

* اقتراب نهاية رئاسة روحاني وتحرك المتشددين لتسليم السلطة إلى إبراهيم رئیسي.

* اشتداد التوتر بين السلطة والشعب وإمكانية الانتفاضة الشعبية.

وسوف تؤدي التوترات المستمرة بين إيران والولايات المتحدة إلى فرض عقوبات اقتصادية أشد على نظام الجمهورية الإسلامية، الأمر الذي یعود بالأثر السيئ علی المواطن الإیراني.

وقد أدت العقوبات الأميركية، خلال العامين الماضيين، إلى جعل اقتصاد الجمهورية الإسلامية الفاسد والریعي، أكثر بؤسًا، حيث أراد دونالد ترامب، من خلال العقوبات، إیصال صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر.

وعلى الرغم من أن إیصال صادرات النفط إلى الصفر یکاد یکون أمرًا مستحیلاً، إلا أن الحقيقة هي أنه لا يمكن لإيران تصدير سوى نحو 10 في المائة من نفطها الخام مقارنة بفترة ما قبل العقوبات.

إن احتمال انضمام الدول الأوروبية إلى العقوبات المفروضة على إيران ليس بعيدًا عن التوقعات، في ظل ما یقوم به قادة الجمهورية الإسلامية من مبالغة وتفاخر، حيث تقول الجمهورية الإسلامية إنها تزيد من تخصيبها وربما لم تعد تلتزم بالعمل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولن تسمح بطبيعة الحال لمفتشي الوكالة بدخول إيران.

حتی إن محمد جواد ظريف اقترح انسحاب إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، يوم الاثنين 20 يناير (کانون الثاني) 2020.

وإذا أوقفت إیران تعاونها مع الوكالة أو انسحبت من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فلن يكون هناك اتفاق نووي تقريبًا. وسيتعين على الصين وروسيا اللتین استفادتا حتى الآن من العقوبات المفروضة على إيران، الالتزام بالقانون الدولي والتوقف عن دعم إيران والمساعدة في التحايل على العقوبات.

علاوة على ذلك، كما ذكرت الدول الأوروبية الثلاث، إذا رفضت إيران التعاون مع الوكالة، فإنها ستعيد القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ولن يعارض أي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وضع إيران تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

بمعنى آخر، فإن جهود ترامب للتوصل إلى إجماع دولي ضد إيران كانت مثمرة، وستكون نتيجة هذه العملية بالنسبة لإيران هي مصير العراق في عهد صدام حسين.

وتمكنت الجمهورية الإسلامية في العامين الماضيين من الصمود أمام ضغوط العقوبات، من خلال الاعتماد علی احتياطياتها،  ولکن هذه الاحتياطيات تنخفض أکثر فأکثر مع مرور الزمن، مما یضیّق الخناق علی الحکومة والدولة والنشطاء الاقتصاديين والمواطنين. وتكافح الحكومة الآن لتأمين رواتب موظفيها الشهرية والمعاشات التقاعدية والإعانات المقدمة للفرد.

فاحتياطيات النقد الأجنبي التابعة لصندوق التنمية الوطنية تُهدر أيضًا على نفقات المرشد علي خامنئي، ومؤسسة الإذاعة والتلفزیون، وفيلق القدس، ولإشباع الرغبات الآيديولوجية.

الآن، إذا تمت زیادة العقوبات، فإن البتروكيماويات الإيرانية وغيرها من الصادرات غير النفطية ستكون خاضعة للعقوبات. بالإضافة إلى العقوبات المستمرة التي أعاقت حتى الآن المعاملات المالية والنقدية للجمهورية الإسلامية من وإلی الخارج، فإن تشديد العقوبات يعطل فعليًا العلاقات النقدية والمالية لإيران مع العالم الخارجي.

بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تتم الموافقة على مشاريع قوانين مجموعة العمل المالي (FATF) بحلول 20 فبراير (شباط) القادم، فقد أعلنت هذه المجموعة أن إيران ستُدرج في القائمة السوداء إلى جانب كوريا الشمالية والسودان، مما سيؤدي إلى قطع جميع المعاملات المالية والنقدية لإیران مع الخارج.

ويقول مرشد الجمهورية الإسلامية "إننا لن نقاتل ولن نتفاوض مع الولايات المتحدة"، خاصة من خلال تسليط الضوء على "عدم موثوقية" الرئيس الأميركي نفسه، ویروج المرشد إلى أن الحوار مع الولايات المتحدة "لا طائل منه".

وبالنظر إلى أن علي خامنئي لم يكن على استعداد للتحدث إلى باراك أوباما، فإن مزاعم عدم الثقة في ترامب کسبب لعدم التفاوض، لا تتعدی کونها کذبة.

لقد أسس علي خامنئي سياسات إيران غير المنطقية والمناهضة للمصالح الوطنیة، على المعتقدات الآيديولوجية والوهمية والطموحة، وأهمها معاداة الغرب وأميرکا، حيث تخضع جميع الاحتیاجات المعيشیة والتنموية والثقافية والسياسية والاجتماعية لهذا المبدأ، ويجب أن تکون في خدمته، إذ إن وهم خامنئي بقيادة العالم الإسلامي ومساعدة جبهة المقاومة، قاده إلی طریق مجهول للوفاء بمهمة هزيمة "جبهة الكفر" التي تقودها الولايات المتحدة.

لذلك، فإن مرشد الجمهورية الإسلامية، من أجل تبرير أهدافه، يتحدث، من ناحیة، عن زوال الولايات المتحدة و"ضربها" من قبل الجمهورية الإسلامية، ومن ناحية أخرى، لتضخیم نفسه وعقيدته، وأوهامه، وطموحاته وأهدافه الآيديولوجیة، التي یقدمها لأتباعه والفئات الجاهلة، کأهداف مقدسة.

ولكن نظرًا لعدم تحقق أي من هذه الأهداف والتحليلات علی أرض الواقع، فإن اللجوء إلى الأكاذيب یصبح أفضل طريقة للتبرير. فهو یکذب باستمرار ویقسم بأن ینتقم لسلیماني، ولكنه یخبر الأميركيين سرًا لإخلاء قواعدهم. وبعد ذلك، لجأ إلى كذبة أخرى وأعلن عن مقتل أميركيين. وقد أدی به استمرار هذه الأكاذيب إلى الوقوع في فخ آخر. فقد حطم طائرة رکاب أوكرانية بصاروخ، مدعيًا ظنه بأنها ربما کانت صاروخ كروز أميركي.

من ناحیة، یتعاطف خامنئي مع الشباب الأوروبي من خلال الرسائل، ومن ناحية أخرى، یأمر بإطلاق النار على رؤوس وصدور الشباب الإيرانيین المحتجین الذين یطالبون بالحریة وبتحسين ظروفهم المعیشیة. هذا مجرد مثال واحد على المدى الذي أصیب به مرشد الجمهورية الإسلامية بجنون حب الذات وفقدان مصداقيته.

لا يمكن بسهولة الإجابة عما إذا كان علي خامنئي سيكون على استعداد للتفاوض مع الرئيس الأميركي المقبل، سواء كان ترامب أو أي شخص آخر، الأمر ليس بهذه السهولة.

لم يعد هناك الكثير من الوقت يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومن الممكن أن لا تحدث أشياء مهمة غير متوقعة خلال هذا الوقت. ولكن يمكن توقع أن أي رئيس قادم للولايات المتحدة- أي شخص كان- لن يتمتع بضبط النفس الذي تحلى به دونالد ترامب في ولايته الأولى أمام استفزازات الجمهورية الإسلامية.

وفي العام الماضي هاجمت الجمهورية الإسلامية ناقلات النفط في الخليج الفارسي، وأسقطت الطائرة الأميركية المسيرة، وهاجمت أو حثت على شن هجوم على حقول النفط السعودية، وهاجمت القواعد العسكرية الأميركية، كل هذه التحركات لم تستفز الولايات المتحدة الأميركية بسبب ضبط النفس الذي قام به دونالد ترامب، ولم تهاجم أميركا إيران عسكريًا، واكتفت فقط بتنبيه بسيط عندما قتلت قاسم سليماني.

ويبدو أن المرشد الإيراني وقادته العسكريين يفسرون ضبط النفس الأميركي على أنه ضعف ويواصلون الهجمات الكلامية، هذا الخطأ الاستراتيجي قد يكلف إيران كثيرًا، خاصة إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة فقد يوجه ضربة عسكرية إلى إيران في حرب متوقعة.

ومن المحتمل أن تكون الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل واحدة من أضعف الانتخابات وأقلها رونقًا، وكما يبدو سوف يحول المتشددون المجلس بقيادة خامنئي إلى لون واحد، حتى لو سمح لعدد قليل من النواب الإصلاحيين بالوصول إلى المجلس، فإن وجودهم لن يكون مؤثرًا.

وفي المجلس المقبل لن يكون هناك شخص مثل علي لاريجاني يمكنه كبح جماح السلوك غير السياسي للنواب المتطرفين. وعليه سيكون المجلس القادم عاجزًا عن تمرير القوانين اللازمة للمواطنين. لهذا السبب يجب على الإصلاحيين السابقين مقاطعة الانتخابات وترك المسؤولية على عاتق المتشددين لإظهار فشلهم وعدم قدرتهم أمام الشعب.

لو كان بإمكان علي خامنئي، لقام بإقالة حسن روحاني، لكن الوضع المضطرب في البلاد لا يسمح له بذلك، وعلى الرغم من ضغوط المتطرفين فهو لن يطعن في روحاني حاليًا، فلم يتبق لروحاني سوى سنة وعدة أشهر حتى تنتهي فترة رئاسته، وقد بدأ إبراهيم رئيسي منذ الآن بالتحضير ليصبح رئيسًا ومرشدًا في المستقبل.

على الرغم من أن "توحيد" السلطة وجعلها من لون واحد سيجنب النظام الكثير من الجدل، إلا أنه سيكشف أكثر عن عدم قدرة المتطرفين على حل مشاكل المجتمع، حيث إن أهم مؤشرات المجتمع هم المواطنون. كما أن المظاهرات في ديسمبر (كانون الأول) 2017، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 تعكس مدى الضغط الذي يعيشه الشعب وعدم ثقته بوعود الحكومة.

شعارات المتظاهرين في السنتين الأخيرتين حطمت قدسية الجمهورية الإسلامية وخامنئي، فشكوك الشعب الإيراني اليوم تطال السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية وفساد مسؤوليها وأكاذيبهم. والجريمة غير المسبوقة للمرشد الإيراني بقتل 1500 شاب، على الأقل، بأمر مباشر منه بإطلاق النار على رؤوس المتظاهرين وصدورهم، إضافة إلى جريمة إسقاط الطائرة الأوكرانية وقتل ركابها الـ176، كل ذلك دمر بالكامل أسطورة "الرأفة الإسلامية" وتسبب في انهيار صفوف الموالين للنظام.

بناءً على نظرته الآيديولوجية وأوهامه فقد باع خامنئي كل ما لديه من شعبية ومكانة دينية واجتماعية وسياسية بمعاداته للولايات المتحدة، وتمكن لعقود من الزمن من إخفاء عجزه وعجز حكومته عن تلبية احتياجات المجتمع.

ولكن وقت هذا النهج قد انتهى، وإذا أراد التفاوض مع الولايات المتحدة فقد يحطم كل هيكلية الأكاذيب والهيبة والمصداقية، إما إذا أراد الاستمرار في سياساته الحالية  فلن يتمكن من إدارة البلاد من دون أموال. كما أن طريق القمع سيصبح عديم الجدوى أكثر مع كل مرة، ويمكن أن يعهد للقوى القمعية بقمع المعارضة.

وعلى الرغم من كل التطورات التي حدثت في العامين الماضيين، فمن المستبعد أن تكون شخصية علي خامنئي المتمحورة حول ذاتها والمتغطرسة والعنيدة مستعدة لتبني تغييرات قانونية وهيكلية وربما سيواصل منهجه المكلف جدًا الحالي ليمنع عودة السلام إلى البلاد بعد أربعين عامًا.

وبناءً على ذلك، ونظرًا لسياسات وحيل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، يجب أن نتوقع ثورات أوسع في فترات زمنية أقصر، لأن زيادة العقوبات والضغوط الاقتصادية والمعيشية لن تتيح للشعب، مع هذا القمع الوحشي للنظام، أي طريقة أخرى.