Skip to main content

اخر جمهوريات الموز

اسرائيل
AvaToday caption
الطبقة الحاكمة والتيارات السياسية فيه بتصرفاتها المتخبطة على مدى العقود الماضية كرست جمهورية الموز، فهذه الطبقة التي كانت سبباً في بناء حكومات فصائلية مبنية على تحالفات هشة
posted onDecember 17, 2022
nocomment

عمار أسامة جبر

إنه المصطلح الأكثر سوءاً في علم السياسة، وذلك لتصنيفه الدول وسحقها ووضعها تحت التأثيرات المالية والسياسية والتعرض لسمعتها والانتقاص من مكانتها الدولية ، فالمصطلح بحد ذاتهعمار جبر دعاية عكسية مبطنة عن عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للدولة وذلك لاعتمادها على صادرات ضعيفة جلها زراعية، ولكن التوسع في استخدامه لوصف دول تصنف نفسها قوية في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتتحول من ادعائها الديمقراطية إلى الدولة الدكتاتورية والشمولية ودولة الفرد الواحد أو الحزب الواحد، بدأ يصيب بسهامه التجربة الصهيونية التي بدأت بالتحول بالفعل الى جمهورية موز ولو سياسيا فقط.

إن الهوس السياسي لدى الطبقة الحاكمة في الكيان، أوصله الى الابتعاد عن شكل الدولة التي يتغنون بها، فهذا الهوس يقترب بها الى الدكتاتورية الحاكمة، وعدم الرضى المطلق عن التنازل عن المنصب الأعلى -رئيس الوزراء- أصبح مطمعاً للكثيرين ومنهم نتنياهو الذي يحارب على جبهات عديدة، فهو من جهة مطلوب قضائياً في قضايا فساد وسوء استخدام المال العام، ومن جهة لا يثق في حلفائه ومستعد لخسارة أي شي في سبيل البقاء على الكرسي، فحلفه السياسي مع بن غفير، الذي حتى الولايات المتحدة ترفضه وترفض التعامل معه، هو شكل جديد من الافلاس السياسي له ولحزبه.

ولعل ما يميز جمهورية الموز في الكيان المحتل، هو عدم الاستقرار السياسي، والحنث بالوعود المقدمة الى شركائهم في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فما أن ينهي رئيس الحكومة في الكيان أداء فروض الطاعة في الولايات المتحدة، لينثر كل وعوده في الريح، فقضية تجميد الاستيطان التي بقيت حاضرة على طاولة اللقاءات بين الرؤساء المتلاحقين والكيان، وما اتفق عليه في اوسلو والانسحابات الاحادية في غزة والضفة، وتقديم قانون ضم مرتفعات الجولان كمادة سياسية لرئيس الحكومة كبرنامج الانتخابي كلها قرارات متضاربة يتخبط فيها رئيس الحكومة المنتخب لفرض نفوذ سياسي يحميه خلال الولاية السياسية، إن لم تعصف به انتخابات مبكرة.

جمهورية الموز، وإن حاول الكيان محاولة انكار وجودها المطلق، فإن الطبقة الحاكمة والتيارات السياسية فيه بتصرفاتها المتخبطة على مدى العقود الماضية كرست جمهورية الموز، فهذه الطبقة التي كانت سبباً في بناء حكومات فصائلية مبنية على تحالفات هشة، ينفرط عقدها عند أقرب نزاع على المناصب والنفوذ السياسي وطريقة التعامل مع طبقة المتدينين -الحريديم-، وقضايا أخرى جلها خلافية، لن تستطيع على مدى العقود السبعة الأخيرة من الإيفاء بوعد سياسي واحد، ولعل اغتيال السياسي والجسدي لرئيس الوزراء رابين نموذج حي على الرفض الداخلي لهذه التيارات السياسية للايفاء بالوعود والالتزامات السياسية، وفضلت استخدام سياسة العصا والجزرة مع الجميع حلفاء وأعداء على حد سواء.

هنيئاً للكيان جمهورية الموز خاصته، وليتعلم العرب درسهم الخاص من ضعف الجبهة الداخلية لهذه الجمهورية التي يستطيعون من خلاله تقوية موقفهم الدولي، والعمل على نشر هذه الدعاية وإيصالها للمجتمع الدولي، بأساليب الضغط واللوبيات وكل أشكال وفنون التعامل مع القضايا على الصعيد الدولي، ولعل استغلال ما وصل له الكيان من شتات داخلي وتخبط في التعامل مع القضايا الدولية، يساعدنا كفلسطينيين من تقوية موقفنا والحصول على صوت دولي أعلى في مواجهة الفاشية الصهيونية.