Skip to main content

العراق يحاول تحرير صادراته النفطية من سيطرة إيران

أنبوب نفط
AvaToday caption
يتكوّن الأنبوب من مقطعين، الأول هو الرميلة – حديثة، ويتمّ استخدام هذا الجزء لتوفير النفط الخام إلى محطات الطاقة والمصافي التي يمر عليها الأنبوب في المناطق العراقية المختلفة، أما الجزء الآخر، فيمتد من حديثة إلى العقبة على البحر الأحمر
posted onApril 21, 2022
nocomment

يواجه أنبوب نفط البصرة - العقبة نقاشات حادة في مختلف الأوساط العراقية، وبينما تتعدّد أسباب التحفظات الرافضة لمشروع الأنبوب، يتفق خبراء الاقتصاد على أهميته بوصفه "حلًا استراتيجيًا" لإنقاذ صادرات النفط العراقي من أي عوامل مستقبلية قد "تخنق" المنفذ الاقتصادي الوحيد الذي يعيش العراق على أمواله.

ويعود مشروع الأنبوب إلى 40 عامًا، حيث العام 1983 عندما اتفق البلدان على مد أنبوب يمتد من البصرة إلى ميناء العقبة على البحر الأحمر مرورًا بالأراضي الأردنية، ليعود إلى الواجهة في مختلف حكومات ما بعد 2003، ليشتد النقاش حوله بعد تحرك من حكومة مصطفى الكاظمي ووزارة النفط للانطلاق بتنفيذ المشروع فعليًا، قبل أن يتمّ ترحيله إلى الحكومة المقبلة بعد موجة الاعتراضات "والشبهات" التي أثارتها جهات سياسية مقرّبة من إيران.

وتتنوع مبررات الكتل السياسية والفرق المعترضة على تنفيذ المشروع، بين وصف الأنبوب بأنه سيتيح "بيع وتصدير النفط إلى إسرائيل"، أو رفض تنفيذ المشروع على يد حكومة تصريف الأعمال، أو تحفظات على كلفة المشروع، التي تصل لنحو 9 مليارات دولار، والامتيازات التي ستقدم إلى الأردن عبر هذا الأنبوب.

لكنّ خبراء الاقتصاد يرون أنّ مشروع أنبوب "البصرة - عقبة" مهم استراتيجيًا إلى العراق، معتبرين أنّ الاعتراضات والمبررات المطروحة لها دوافع سياسية وقد تكون "إقليمية".

وتتمثل أهمية أنبوب البصرة - العقبة، بفتح منفذ جديد للصادرات النفطية العراقية، التي مازالت رهينة منفذ واحد وهو الخليج ومضيق هرمز، حيث تخرج 97% من صادرات العراق النفطية عبر هذا المنفذ المائي، فيما لا ينقل أنبوب كركوك إلى ميناء جيهان التركي سوى أقل من 100 ألف برميل يوميًا من أصل أكثر من 3.3 مليون برميل يوميًا يصدرها العراق.

ووفقًا لذلك، فإنّ أي مشاكل في الجغرافية السياسية أو أمنية في الخليج ومضيق هرمز، سيؤدي إلى توقف صادرات العراق النفطية وبالتالي إفلاسه، لا سيما وأنه يعتمد في كل موازنته على تصدير النفط.

وبالفعل، يشهد العراق توقف الملاحة وتصدير النفط لعدة أيام في كل عام نتيجة سوء الأحوال الجوية في موانئ البصرة ومياه الخليج على سبيل المثال، وهو ما يؤدي إلى انخفاض صادراته النفطية.

ويرى أستاذ النفط والاقتصاد نبيل المرسومي، الخط العراقي الأردني "أحد الحلول المهمة استراتيجيًا التي تعطي مرونة للنفط العراقي بدلًا من تصديره كله بحرًا عبر مضيق هرمز"، مشيرًا خلال حديث لموقع "ألترا عراق"، إلى أنّ "تصدير النفط عبر منفذ واحد يعرضه إلى إعاقة بفعل التوترات الجيوسياسية والتوترات الأمنية التي من الممكن أن تحصل بمضيق هرمز".

وحول سبب اعتبار أنبوب "البصرة ـ عقبة" هو الحل الوحيد، يبيّن المرسومي أنّ ذلك يعود لكونه "الخط الوحيد المتاح أمام العراق،  لأن الخط العراقي السوري (بانياس) تحيطه مشاكل سياسية عديدة إضافة إلى الوضع السياسي غير المستقر بفعل النفوذ الروسي الكبير في سوريا، ومحاولات السيطرة على أحد مصادر توريد النفط إلى أوروبا".

أما المنفذ الآخر وهو الخط التركي، فهو محاط أيضًا بإشكالات عديدة ـ والكلام للمرسومي ـ من بينها "الدعوة القضائية المرفوعة في محكمة التجارة واستخدام أجزاء منه في توريد نفط كوردستان إلى تركيا بعيدًا عن الحكومة الاتحادية في بغداد"، أما الخط السعودي، فيشير المرسومي إلى أنه "تمت مصادرته من قبل الحكومة السعودية وتم استخدامه لمشروع آخر في توريد المشتقات النفطية، ولم يتبق للعراق لتنويع منافذ تصديره إلا الخط العراقي الأردني".

ويتكوّن الأنبوب من مقطعين، الأول هو الرميلة – حديثة، ويتمّ استخدام هذا الجزء لتوفير النفط الخام إلى محطات الطاقة والمصافي التي يمر عليها الأنبوب في المناطق العراقية المختلفة، أما الجزء الآخر، فيمتد من حديثة إلى العقبة على البحر الأحمر، وينقل احتياجات الأردن من النفط الخام والمقدرة بـ150 ألف برميل يوميًا، واحتياجات مصر بحدود 65 ألف برميل يوميًا، وهذين سوقين مضمونين بحسب المرسومي، الذي يشير أيضًا إلى إمكانية "تصدير النفط العراقي بعدها من العقبة إلى أوروبا، خصوصًا وأن طاقة الأنبوب المحتملة هي مليون برميل يوميًا، لكن إجماليًا تصل إلى مليونين وربع المليون برميل يوميًا، ويمكن أيضًا أن يتفرع الأنبوب من حديثة إلى خطين آخرين نحو بانياس في سوريا، وخط آخر إلى جيهان التركي".

ويعتبر المرسومي أنّ "الموضوع يجب أن يقيّم اقتصاديًا لكن في العراق يخضع الموضوع لإشكالات ومزايدات سياسية".

تتنوع الإشكالات والتحفظات "السياسية" على ملف أنبوب "البصرة - العقبة"، إلا أنّ واحدة من الإشكالات التي تأخذ صبغة اقتصادية، هو ما ستحصل عليه الأردن من امتيازات، ومنها الحصول على 150 ألف برميل يوميًا من النفط، حيث تشيع أطراف سياسية بأن كلفة هذه البراميل ستكون بأكثر من 10 ملايين دولار يوميًا ستمنح إلى الأردن، بالإضافة إلى 25 سنتًا عن كل برميل نفط يمر عبر الأردن للتصدير بحسب طاقة الأنبوب المقدرة بمليون برميل يوميًا، أي 250 ألف دولار إضافية، لكنّ المدافعين عن المشروع يقولون إنّ الـ150 ألف برميل لن يمنحها العراق "مجانًا" إلى الأردن بل بأسعار تفضيلية، وهو أمر يحصل الآن بالفعل وفق اتفاقات بين البلدين، أما كلفة مرور برميل النفط فهي تعرفة مرور يدفعها العراق أيضًا بنقله نفطه عبر البحر ومن خلال مضيق هرمز.

ولعلّ واحدة من أهم الفوائد الستراتيجية للأنبوب ـ بحسب خبراء ـ هو "توغل" النفط العراقي في السوق الأوروبي الذي سيصبح أقرب لوصول النفط العراقي عبر العقبة والبحر الأحمر، بدلًا من محدودية حصة النفط العراقي في السوق الأوروبي نتيجة لمحدودية طاقة أنبوب كركوك –جيهان التي لا تتجاوز الـ100 ألف برميل يوميًا، خصوصًا مع التوترات "الأوروبية-الروسية"، التي تساعد في استحواذ العراق على حصة روسيا في السوق الأوروبي.

وبعيدًا عن الاعتراضات المتنوعة، يبرز سبب استراتيجي مهم للعراق وقد يكون "مضرًا" لإيران، حيث أنّ أنبوب البصرة - عقبة، قد يحرر  30% من الطاقة التصديرية للعراق من قبضة إيران، فصادرات النفط العراقية تمر عبر مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران، بالتالي فإنّ "مصير صادرات النفط العراقي وبالتالي اقتصاد العراق عمومًا رهينة بيد إيران" وفقًا لخبراء في الطاقة.

وبينما يصدر العراق قرابة 3.3 مليون برميل يوميًا من النفط الخام، فإنّ 3.2 مليون برميل يوميًا منه تذهب عبر مضيق هرمز إلى الأسواق الآسيوية، أما المتبقي فيذهب إلى أمريكا وأوروبا عبر ميناء جيهان التركي، وهي كميات محدودة لا تتجاوز الـ3% من صادرات العراق النفطية جراء محدودية طاقة أنبوب كركوك.

وبإنشاء أنبوب نفط البصرة –عقبة، وبطاقة تصديرية تبلغ مليون برميل يوميًا، فذلك يعني تحرير 30% من القدرة التصديرية للعراق من سيطرة مضيق هرمز وتحويلها برًا عبر الأنبوب إلى الأسواق الأوروبية، وهو أمر يفقد إيران سيطرتها التامة على صادرات العراق النفطية، وهذا مايشير إليه الباحث الاقتصادي منار العبيدي، في إجابة على سؤال حول المستفيد النهائي من إيقاف أنبوب النفط العراقي عبر العقبة.

ويقول في إيضاح، إنّ "إيران تسيطر بشكل كبير على مضيق هرمز والذي تمر به معظم شحنات النفط العراقية"، وبعبارة أخرى يوضح العبيدي أنّ "96% من شحنات النفط العراقية لا تمر إلا بموافقة إيران على عبور المضيق مما يجعل الاقتصاد العراقي مرهونًا بيد مضيق هرمز ومن يسيطر على المضيق ".

وفضلًا عن ذلك، يرى العبيدي أنّ "الجهات المستفيدة الأخرى هي الجهات التي تبيع نفطها إلى أوروبا والتي لا تبحث عن منافس، وعلى سبيل المثال الإمارات التي تبيع نفطها لأوروبا عن طريق نقل النفط ميناء السويس أو عبر خط أنابيب سوميد المصري الذي ينقل النفط من البحر الأحمر إلى موانئ البحر المتوسط".