Skip to main content

مقاومة طالبان في بنشير أمام اختبار صعب

بانشير
AvaToday caption
حتى مع اشتباك مقاتليه مع طالبان، يصر مسعود وكبار مساعديه على أنهم يفضلون الحوار للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة. وأكدوا أنهم يريدون نظام حكم لامركزي فيدرالي، حيث يتم توزيع السلطة بالتساوي بين المجموعات العرقية المتنوعة في أفغانستان
posted onSeptember 3, 2021
nocomment

كان زكي من بين آلاف الأفغان الذين فروا إلى الجبال الوعرة شمال كابل بعد استيلاء طالبان السريع على الحكم، خوفًا من الحركة. الآن، يحمل الموظف الحكومي السابق، البالغ من العمر 27 عامًا، رشاشًا من طراز AK-47 كجزء من مقاومة ناشئة مصممة على منع طالبان من الاستيلاء على آخر قطعة من أفغانستان هي مقاطعة بنشير الوعرة.

وقال زكي، الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل لأنه يخشى انتقام طالبان من عائلته في كابل، لصحيفة واشنطن بوست: "لا نريد أن نكون مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة في البلاد. لا نريد أن نفقد حريتنا وابتسامتنا".

واستهدفت حركة طالبان، خلال الأيام الأربعة الماضية، إقليم بنشير، حيث هاجمته من عدة اتجاهات ودخلت في اشتباكات عنيفة مع قوات المعارضة. وهذا هو أخطر تحد تواجه طالبان بعد سيطرتها على كابل وعاصمة 33 إقليم في 10 أيام.

وقال متحدث باسم القوات التي تحمل اسم "جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية"، فهيم داشتي، إن الجبهة تمكنت من صد هجوم طالبان وتكبيدها خسائر فادحة.  وذكر أن المواجهات التي اندلعت منذ أيام على 4 محاور لا تزال مستمرة، وأضاف أنه خلال المواجهات تم قتل أكثر من 300 من عناصر طالبان وإصابة أكثر من مائتين آخرين، كما تم أسر ثلاثين.

من ناحيتها، أكدت طالبان فشل المفاوضات مع الجبهة، وأن "الحرب هي خيار الحسم في الوقت الراهن"،  لم تعلق علي عدد الخسائر في قواتها.

وقال أحمد والي مسعود، السفير الأفغاني السابق في بريطانيا: "عقلية طالبان لا تسعى للمحادثات ولا  للسلام". وأضاف: "هم يعتقدون أنهم استولوا على أفغانستان، وبالتالي، يجب على بنشير الاستسلام. لكن الناس الذين يقاتلون يريدون الدفاع عن وطنهم وأرضهم وعائلاتهم وحياتهم. ما يحدث في بنشير هو مقاومة لكل أفغانستان".

بالنسبة لطالبان، فإن هذه المقاومة هي نوع من الانقلاب غير المرغوب فيه. عندما استولت طالبان على العاصمة الأفغانية لأول مرة عام 1996 وسيطرت على البلاد حتى عام 2001، لم يكن مقاتلوها قادرين على السيطرة على بنشير على الرغم من المحاولات المتكررة.

ويقود المعارضة أحمد مسعود، نجل زعيم المقاومة المعروف المناهض لطالبان في التسعينيات ، أحمد شاه مسعود، الذي قُتل  على يد مسلحي القاعدة قبل هجمات 11 سبتمبر . يبلغ من العمر 32 عامًا، وتلقى تعليمه في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست في بريطانيا، ولكن ليس لديه خبرة في ساحة المعركة.

ويواجه الشاب مسعود مشهدًا عسكريًا وجيوسياسيًا مختلفًا تمامًا. تفوق حركة طالبان عدد قواته بشكل كبير، وهي متفوقة عسكريًا بأسلحة الجيش الأفغاني التي استولت عليها في الأيام الماضية.

وعلى عكس والده، الذي تلقى مساعدات عسكرية مكثفة من الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى، لم يتلق مسعود أي دعم دولي. كما كان لوالده طرق إمداد من طاجيكستان المجاورة. هذه المرة، تسيطر طالبان على جميع المقاطعات الحدودية الشمالية ويمكنها إغلاق طرق الإمداد.

على الرغم من هذه المشكلات، يقول قادة المعارضة إن الجغرافيا إلى جانبهم. وأشاروا إلى أن بنشير هي منطقة جبلية شاسعة تقع نهايتها الجنوبية على بعد حوالي 100 ميل شمال شرق كابل. كما أن المقاطعة تقع في جبال هندوكوش، وهي مليئة بالوديان الضيقة والتكوينات الصخرية التي تخلق حصنًا طبيعيًا ضد الغزاة وبيئة مثالية للكمائن وحرب العصابات.

وقال علي نظاري، رئيس العلاقات الخارجية في "جبهة المقاومة الوطنية": "موقعنا استراتيجي في بنشير. بنشير محصنة. التضاريس ليست صديقة للغرباء الذين يريدون الغزو".

وأوضح أن السوفييت تم صدهم تسع مرات عندما حاولوا الاستيلاء على المنطقة في الثمانينيات. وأضاف أنه في التسعينيات كان لدى طالبان ميزة عسكرية أكبر لأن لديهم قاذفات صواريخ وصواريخ سكود وطائرات نفاثة لقصف المتمردين، لكنهم لم ينجحوا أبدًا في الاستيلاء على المحافظة.

وذكر نزاري أن عدد قوات المقاومة يبلغ نحو عشرة آلاف. ومن بينهم ميليشيات محلية وسكان بنشير، إلى جانب متطوعين من مقاطعات أخرى. وقال إن عددًا كبيرًا من جنود الجيش الأفغاني السابقين وقوات خاصة وقوات كوماندوز قد انضموا إليهم.

وكذلك انضم إليهم نائب الرئيس السابق للبلاد، أمر الله صالح، الذي وصل إلى بنشير بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان على كابل. يزعم صالح أنه القائد الشرعي لأفغانستان وقد شجع أتباعه على القدوم إلى بنشير والانضمام إلى المقاومة.

وقال زكي إن عقدين من الدعم الغربي لأفغانستان سمحا له بالالتحاق بالجامعة والحياة في مجتمع يتمتع بالحقوق والحريات الأساسية. وأضاف أنه بصفته طاجيكيًا، كان قلقًا بشأن سيطرة طالبان لأن معظمهم من البشتون. وتابع: "طالبان تدفع بالأجندات العرقية ".

حتى مع اشتباك مقاتليه مع طالبان، يصر مسعود وكبار مساعديه على أنهم يفضلون الحوار للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة. وأكدوا أنهم يريدون نظام حكم لامركزي فيدرالي، حيث يتم توزيع السلطة بالتساوي بين المجموعات العرقية المتنوعة في أفغانستان.

وقال مسعود لمجلة فورين بوليسي: "أي شيء أقل من هذا سيكون غير مقبول لنا، وسنواصل نضالنا ومقاومتنا حتى نحقق العدالة والمساواة والحرية".

وقد رفضت طالبان مثل هذه المطالب ومن المتوقع أن تعلن عن حكومة جديدة تبدو على غرار الثيوقراطية الإيرانية، حيث سيتم تعيين كبار قادة طالبان الدينيين والعسكريين في مناصب رئيسية، بحسب واشنطن بوست.

يوم الخميس، قال محمد بلال كريمي، المتحدث باسم طالبان ، إن الحركة تريد "حل القضية من خلال المفاوضات السلمية، ولكن إذا كانت هناك حاجة لوسائل عسكرية، فلن يستغرق الأمر وقتًا للاستيلاء على هذه المنطقة. بنشير محاطة بالمجاهدين من جميع الجهات، ولن يستغرق الأمر وقتًا في هزيمة الأعداء".

ورد نزاري قائلا إن "قوى المقاومة جاهزة. إذا كانوا سيستخدمون العدوان، فعندئذ سنستخدم القوة. لقد أظهرت الأيام الأربعة الماضية أننا قادرون على استخدام القوة".

وقال مصدران في كابل إن طالبان تستخدم كل الوسائل الممكنة لكسر المقاومة، حيث  يفتش مقاتليها المنازل من باب إلى باب في ثلاثة أحياء على الأقل يسكنها في الغالب الطاجيك، بحثًا عن الأشخاص المشتبه في صلتهم بالمقاومة. كما قطعت الحركة خدمات الهاتف والإنترنت والخدمات الأساسية  في أجزاء من بنشير.