بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

مشكلة تركيا مع الكورد أبعد من سوريا

حدود الادارة الذاتية في سوريا مع تركيا
AvaToday caption
مشكلة تركيا مع الكورد ليست في سوريا حصرا وهي لن تحل على الأرجح من خلال تعويم النظام السوري وإنما من خلال تغيير السياسة أو المقاربة التركية نفسها لهذا الملف
posted onJanuary 14, 2023
noبۆچوون

عمران سلمان

تركيا سوف تفعل المستحيل للتخلص من الوجود الكوردي (وخاصة المسلح منه) المحاذي لحدودها ولا سيما الجنوبية، أي الحدود مع سوريا حيث يتمتع الكورد وتنظيماتهم بحرية الحركة، عكس كورد العراق وإيران الذين يحكمهم وتتحكم فيهم قوى وحكومات قادرة نسبيا على إخضاعهم.

ولن يتوانى الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عن الذهاب إلى دمشق للتفاهم مع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، إذا كان ذلك هو السبيل الوحيد لوضع حد للوجود الكوردي المسلح في المحافظات السورية.

وهذا بالضبط ما يحدث اليوم حيث التغير التركي 180 درجة عن السياسة التي اتبعها حزب العدالة والتنمية وإردوغان نفسه في السابق تجاه الأزمة السورية.

وهناك من يسأل لماذا يحدث ذلك الآن؟

والإجابة الراجحة هي أن هذا الانفتاح على دمشق وحاكمها هو تعبير عن الخشية من انهيار النظام السوري تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الطاحنة وبالتالي المسارعة لإنقاذه لأن الانهيار يعني أن الوضع الكوردي المسلح الذي كان حتى اليوم يعتبر "مؤقتا" نوعا ما – بافتراض إمكانية عودة الدولة السورية أو استعادتها عافيتها ومن ثم سيطرتها من جديد على تلك المناطق - سوف يصبح حالة دائمة وربما تطور إلى ما لا تستطيع تركيا تحمله فتلجأ حينها إلى الخيار العسكري المباشر وهو خيار مكلف وغير مضمون وغير قادر على فرض حل دائم.

الحل الأمثل من وجهة النظر التركية هو عودة النظام السوري إلى هذه المناطق ووضع حد للتمرد الكوردي أو على الأقل احتواءه ضمن تفاهمات سورية روسية.

هناك أيضا حسابات تركية داخلية متعلقة بالانتخابات والوضع السياسي عموما لاسيما التخلص من الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين عبر إعادتهم إلى بلادهم وهذا لن يتم من دون وجود دولة ونظام قادر على استعادتهم وإدماجهم من جديد في المجتمع.

لكن هذا كله ممكن أن يتبخر في حال انهار النظام في دمشق أو اتسع نطاق العجز الذي يعاني منه أو استمرت حالة التشظي التي تعيشها سوريا حاليا.

ضمن هذا السياق يمكن فهم التحركات التركية التصالحية مع دمشق وكذلك التحركات الإقليمية الأخرى التي تصب في هذا الاتجاه، فلا أحد يريد أن يرى صومال أو ليبيا جديدة في المنطقة، إذ أن انهيار النظام السوري ستكون له تداعيات مدمرة على سائر المنطقة، وخاصة الدول المحيطة.

لكن مشكلة تركيا مع الكورد ليست في سوريا حصرا وهي لن تحل على الأرجح من خلال تعويم النظام السوري وإنما من خلال تغيير السياسة أو المقاربة التركية نفسها لهذا الملف.

من المهم أن نتذكر أن معظم كورد سوريا هم في الواقع ليسوا سوى أحفاد الكورد الذين هجّروا من تركيا نفسها خلال فترات القمع والاضطهاد التي أعقبت الانتفاضات الكوردية ضد الحكم التركي، وخاصة تلك التي جرت خلال عهد الرئيس، كمال أتاتورك، وأبرزها انتفاضة الزعيم الكوردي، الشيخ سعيد بيران، في عشرينيات القرن الماضي.

وقد استقر الكورد في مناطق شمال سوريا المحاذية لتركيا وسكنوا مع العرب والآشوريين وغيرهم من الأقوام التي لا زالت تعيش في هذه المناطق. ومع الوقت تضاعفت أعدادهم وأصبحوا الأغلبية بحيث اصطبغت المنطقة والثقافة بالطابع الكوردي بما في ذلك أسماء المدن.

وهذا هو السبب الذي جعل الحكومات السورية المتعاقبة ترفض منح جزء كبير من الكورد الجنسية بحجة أصولهم التركية رغم مضي زمن طويل على نزوحهم وفي الوقت الذي كانت فيه هذه المناطق إما تابعة للدولة العثمانية أو تحت الانتداب الفرنسي، حالهم في ذلك حال العديد من اليهود الذين استقروا في فلسطين في ذلك الوقت.

والحال أن تركيا لن تتمكن من التخلص من المشكلة الكوردية عبر البوابة السورية أو غيرها، وإنما عبر حل هذه المشكلة داخليا وعلى النحو الذي يقنع الكورد أنفسهم بصوابية هذا الحل.

حتى الآن لا يبدو أن الحكومة التركية جاهزة لهذا الخيار، لذلك نرى التركيز منصبا على معالجة تداعيات المشكلة في الدول المجاورة، وهي تداعيات تتفاوت حدتها من دولة لأخرى.

ومثل هذا التركيز ربما يفيد الرئيس التركي إردوغان وحزبه في الانتخابات القادمة، لكنه لن يحل مشكلة تركيا مع الكورد ولن يجعل الكورد أنفسهم يختفون أو يتخلون عن مطالبهم سواء في تركيا نفسها أو الدول الثلاث الأخرى.