بازبدە بۆ ناوەڕۆکی سەرەکی

روبوت اغتال فخري زاده

مكان اغتيال محسن فخري زاده
AvaToday caption
تعلمت إيران دروساً كثيرة منذ مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، ولهذا تركت وحدة أمنية من عناصر النخبة في الحرس الثوري، مدججين بالسلاح ومدربين تدريباً جيداً، رافقوا تحركات فخري زاده في قوافل من 4 إلى 7 مركبات
posted onSeptember 18, 2021
noبۆچوون

يوم السابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، استنفرت إيران بعد عملية اغتيال وقعت في مدينة أبسرد بدماوند التابعة للعاصمة طهران طالت العالم النووي محسن فخري زاده، القيادي البارز في الحرس الثوري، ورئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا لدى وزارة الدفاع الإيرانية، والذي يعتبر واحداً من أبرز مطوري البرنامج الإيراني النووي.

ومنذ ذاك التاريخ وحتى اليوم، تعددت الروايات حول تفاصيل العملية والفاعلين، وردود الأفعال.

ورغم مرور أشهر طويلة، إلا أن العملية عادت للواجهة بعد تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، وجاء فيه أن عملاء إسرائيليين كانوا خططوا لقتل العالم النووي الإيراني الأكبر سنوات، إلى أن توصلوا لطريقة تحقق هدفهم دون وجود عناصر لهم على الأرض.

اللافت في الأمر أن إيران أبقت فخري زاده بعيداً عن الأنظار فترة طويلة، حتى صوره كانت نادرة، وعرف شكله بعد مقتله فقط.

وأوضحت المعلومات الجديدة أن زاده كان استيقظ فجر يوم الاغتيال، منطلقاً مع زوجته إلى منزلهما الصيفي في الريف، تحديداً إلى منطقة آبسارد، وهي بلدة ريفية شرق طهران، حيث كانا يعتزمان قضاء عطلة نهاية الأسبوع.

ورغم أن جهاز المخابرات الإيراني كان حذره من احتمال وجود مؤامرة اغتيال بحقه، إلا أن العالم لم يسمع، بل نفى ذلك تماماً وأكمل روتين حياته بشكل طبيعي.

كما يشير التقرير إلى أن إسرائيل كانت على قناعة بأن العالم القتيل يقود جهود إيران لبناء قنبلة نووية، ولهذا قررت قتله منذ مدة 14 عاماً.

في حين أراد فخري زاده أن يعيش حياة طبيعية على الرغم من موقعه البارز في المؤسسة العسكرية الإيرانية، فغالباً ما كان يقود سيارته الخاصة بدل الحرّاس رغم نصائح فريقه الأمني خارقاً بروتوكولات الحماية.

فيوم الاغتيال كان يقود سيارته السوداء من نوع نيسان تينا سيدان، وزوجته كانت في مقعد الراكب المجاور له وحيدين دون مرافقة.

ووفق المعلومات، فقد عملت الحكومة الإسرائيلية منذ عام 2004، ممثلة بوكالة الاستخبارات الخارجية "الموساد"، على منع إيران من الحصول على أسلحة نووية، وقد نفذت حملات تخريب وهجمات الكترونية طالت منشآت تخصيب الوقود النووي الايراني.

كما كانت تنتقي بشكل منهجي الخبراء الذين يُعتقد أنهم يقودون برنامج الأسلحة النووية الإيراني، وفق تقرير الصحيفة.

وفي عام 2007 ، اغتال عملاؤها 5 علماء نوويين إيرانيين وجرحوا آخر، عمل معظم هؤلاء القتلى بشكل مباشر مع فخري زاده على ما قال مسؤولو المخابرات الإسرائيلية إنه برنامج سري لبناء رأس حربي نووي.

كذلك قتل عملاء إسرائيليون الجنرال الإيراني المسؤول عن تطوير الصواريخ و 16 من أفراد فريقه.

وبعد ذلك بسنتين أي في عام 2009، وبينما كان فريق اغتيال إسرائيلي ينتظر فخري زاده في الموقع المخطط له في طهران، ألغت إسرائيل العملية في اللحظة الأخيرة، حيث اشتبه الموساد في أن المؤامرة قد تم اختراقها وأن إيران نصبت كميناً.

وفي ذاك اليوم (أي يوم الاغتيال)، كان عملاء إيرانيون يعملون لصالح الموساد قد أوقفوا شاحنة بيك آب زرقاء من طراز نيسان زامياد على جانب الطريق الذي يربط أبسارد بالطريق السريع الرئيسي.

وعند بقعة كانت على ارتفاع طفيف، خُبأ تحت القماش المشمع ومواد البناء في صندوق الشاحنة، مدفع رشاش قناص عيار 7.62 ملم، وفي حوالي الساعة الواحدة ظهرا، تلقى فريق المنفذ إشارة بأن فخري زاده وزوجته وفريق من الحراس المسلحين في سيارات مرافقة كانوا على وشك المغادرة إلى أبسارد.

حينها تولى الفاعل وهو قناص ماهر موقعه، وضبط البندقية، ورفع السلاح ممسكاً الزناد.

إلا أن اللافت في الأمر أن الفاعل لم يكن قريباً من أبسارد، بل كان ينظر إلى شاشة الكمبيوتر في مكان غير معروف على بعد مئات الأميال. وحتى فرقة الاغتيال بكاملها لم تكن بإيران.

وبعد العملية، وردت تقارير إخبارية كثيرة كانت مربكة ومتناقضة وخاطئة في الغالب.

فقد ذكر أحد التقارير أن فريقا انتظر على طول الطريق حتى يمر فخري زاده بسيارته، في حين قال آخر إن السكان سمعوا انفجارا كبيرا أعقبته نيران مدفع رشاش.

وغيره أفاد بأن شاحنة انفجرت أمام سيارة فخري زاده ثم قفز 5 أو 6 مسلحين من سيارة قريبة وفتحوا النار عليه.

فيما نقلت قناة تابعة للحرس الثوري الإيراني على وسائل التواصل الاجتماعي وقوع اشتباك بالأسلحة بين حراس العالم والمهاجمين.

واستمرت تلك التقارير بالورود حتى بعد مرور أيام على الحادث.

إلى أن أفادت عدة وكالات إخبارية إيرانية بأن القاتل كان روبوتاً، وأن العملية برمتها تمت عن طريق التحكم عن بعد، لكن هذه الرواية أثارت سخرية الإيرانيين الذين وجدوا فيها محاولة لتقليل إحراج قوات أمن النخبة التي فشلت في حماية أحد أكثر الشخصيات الخاضعة لحراسة مشددة في البلاد.

في حين رأى محلل الحرب الإلكترونية توماس ويثينجتون، أن نظرية الروبوت القاتل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار مع قليل من الإضافات، معتبراً وصف إيران لما يحدث عادة كلمات طنانة لا أكثر، إلا في هذه الحادثة، فقد شدد فعلاً على أن الفاعل هو روبوت قاتل.

ووفقاً لمقابلات أجريت مع مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وإيرانيين، بمن فيهم مسؤولان استخباراتيان مطلعان على تفاصيل التخطيط للعملية وتنفيذها، وتصريحات عائلة القتيل لوسائل إعلام إيرانية، فإن نجاح العملية كان نتيجة عدة عوامل:

أولها، كان بسبب الإخفاقات الأمنية الخطيرة التي يتحمل مسؤوليتها الحرس الثوري الإيراني، وأيضاً بسبب التخطيط المكثف والمراقبة من قبل الموساد، ومعهما اللامبالاة التي تعامل فيها فخري زاده مع التحذيرات.

الأهم من ذلك كان التقنية العالية التي عملت فيها إسرائيل مستخدمة الذكاء الاصطناعي وأنواع كاميرات متعددة تعمل عبر الأقمار الصناعية قادرة على إطلاق 600 طلقة في الدقيقة.

لينضم أيضاً المدفع الرشاش المعزز بخاصية التحكم عن بعد، والطائرة القتالية بدون طيار التي استخدمت ضمن ترسانة أسلحة عالية التقنية للقتل المستهدف عن بُعد، حيث إن هذا السلاح لا يلفت الانتباه ويمكن له إسقاط طائرة بدون طيار ويضعها في أي مكان.

وفقاً لمصدر حضر الاجتماع، بدأت الاستعدادات لاغتيال فخري زاده بعد سلسلة من اللقاءات بدأت نهاية عام 2019، ومطلع عام 2020 بين مسؤولين إسرائيليين بقيادة مدير الموساد يوسي كوهين، ومسؤولين أميركيين رفيعي المستوى بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، ووزير الخارجية مايك بومبيو، ومديرة وكالة المخابرات المركزية جينا هاسبيل.

وطيلة الفترة الماضية لم ترفع إسرائيل أعينها عن فخري زاده أبداً بل كان على رأس المطلوبين منذ عام 2007.

وفي عام 2018، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤتمرا صحفيا لعرض الوثائق التي حصل عليها الموساد من الأرشيف النووي الإيراني، لافتاً إلى أنهم أثبتوا أن طهران ما زالت تمتلك برنامجا نشطا للأسلحة النووية، كما ذكر في الاجتماع اسم فخري زاده عدة مرات، وقال: "تذكروا هذا الاسم".

ثم أيد المسؤولون الأميركيون المطلعون خطة الاغتيال في واشنطن، لتبدأ رحلة تتبع العالم القتيل.

ووفق التقرير، فقد تعلمت إيران دروساً كثيرة منذ مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، ولهذا تركت وحدة أمنية من عناصر النخبة في الحرس الثوري، مدججين بالسلاح ومدربين تدريباً جيداً، رافقوا تحركات فخري زاده في قوافل من 4 إلى 7 مركبات، وقاموا بتغيير الطرق والتوقيت لإحباط أي هجمات محتملة.

إلا أن إسرائيل اختارت نموذجا خاصا من مدفع رشاش بلجيكي FN MAG متصل بجهاز آلي متقدم، وذلك وفقا لمسؤول استخباراتي مطلع على الخطة.

وقال المسؤول إن النظام لم يكن مختلفا عن نظام Sentinel 20 الذي صنعه مقاول الدفاع الإسباني Escribano، إلا أن المدفع الرشاش والروبوت ومكوناته وملحقاته مجتمعة تزن حوالي طن، لذلك تم تقسيم المعدات إلى أصغر أجزائها الممكنة وتم تهريبها إلى البلاد قطعة قطعة، بطرق وأزمنة مختلفة، ثم أعيد تجميعها سراً في إيران.

كما تم بناء الروبوت ليناسب سرير بيك آب زامياد، وهي مركبة شائعة الاستخدام في إيران، حيث تم تركيب كاميرات تغطي اتجاهات متعددة لإعطاء غرفة القيادة صورة كاملة ليس فقط للهدف بل لتفاصيله الأمنية، وللبيئة المحيطة به، إلى أن أصبحت المركبة مليئة بالمتفجرات بحيث يمكن تفجيرها إلى أجزاء صغيرة بعد القتل، ما يؤدي إلى إتلاف جميع الأدلة.

وتمت برمجة الذكاء الاصطناعي للتعويض عن التأخير والاهتزاز وسرعة السيارة، فيما كان التحدي الآخر هو تحديد الوقت الفعلي حيث أن فخري زاده هو من كان يقود السيارة وليس أحد أبنائه أو زوجته أو حارسه الشخصي، وذلك ولأن إسرائيل تفتقر إلى قدرات المراقبة في إيران التي تمتلكها في أماكن أخرى كانت العملية صعبة.

فكان الحل يكمن بوضع سيارة مزيفة معطلة، مستندة على رافعة مع عجلة مفقودة، عند تقاطع الطريق الرئيسي، فيصبح على المركبات المتجهة إلى المنتزه الذي توجه إليه العالم ضرورة الانعطاف للخلف على بعد حوالي ثلاثة أرباع ميل من منطقة القتل، واحتوت تلك السيارة على كاميرات أيضا.

وعندما غادرت القافلة مدينة رستمكالا على ساحل بحر قزوين، حملت السيارة الأولى عنصرا أمنيا، وتبعها سيارة نيسان سوداء غير مدرعة يقودها فخري زاده مع زوجته صادقة قاسمي إلى جانبه، واتبعت الموكب سيارتان أمنيتان.

وكان الفريق الأمني ​​قد حذر فخري زاده في ذلك اليوم من التهديد ضده وطلب منه عدم السفر، بحسب نجله حامد فخري زاده ومسؤولين إيرانيين.

وقال علي شمخاني أمين المجلس الوطني الأعلى في وقت لاحق لوسائل الإعلام الإيرانية إن وكالات المخابرات كانت على علم بالموقع المحتمل لمحاولة اغتيال، إلا أنها لم تكن متأكدة من التاريخ.

كما أضاف أن فخري زاده على الرغم من التهديدات الكثيرة لم يعد يأبه لها ولا يأخذها على محمل الجد، فقد رفض ركوب سيارة مصفحة يوم الاغتيال وأصر على قيادة إحدى سياراته بنفسه.

وتابع أن زاده كان رفض أن تقود المرافقة سيارته في ذلك اليوم، مشيراً إلى أنه لو كان جالسا في الخلف لكان من الأصعب بكثير التعرف عليه وقتله.

وقبل الساعة 3:30 مساءً بقليل، وصل الموكب إلى المنعطف، وتوقفت سيارة فخري زاده تقريبا، وتم التعرف عليه بشكل تام من قبل المشغلين الذين تمكنوا أيضا من رؤية زوجته جالسة بجانبه، فأطلق المدفع الرشاش رشقة من الرصاص أصابت مقدمة السيارة، ولم يتضح ما إذا كانت هذه الطلقات أصابت فخري زاده إلا أن السيارة انحرفت وتوقفت.

فقام مطلق النار بتعديل الرؤية وأطلق رشقة أخرى، فأصابت الزجاج الأمامي 3 مرات على الأقل وضرب فخري زاده مرة واحدة على الأقل في كتفه.

وحين نزل من السيارة جلس بوضعية القرفصاء خلف الباب الأمامي المفتوح، وبحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية، اخترقت 3 رصاصات عموده الفقري، ثم انهار على الطريق، ثم ركضت زوجته إليه فقال لها: "يريدون قتلي وعليك المغادرة"، إلا أنها جلست على الأرض ووضعت رأسه على حجرها.

أما الانفجار فكان هو الجزء الوحيد من العملية الذي لم يسر كما هو مخطط له، فقد كان الهدف من الانفجار تمزيق الروبوت إلى أشلاء حتى لا يتمكن الإيرانيون من تجميع ما حدث، وبدلاً من ذلك، تم إلقاء معظم المعدات في الهواء ثم سقطت على الأرض، وتضررت بشكل لا يمكن إصلاحه إلا أنها كانت واضحة المعالم.

فيما كان تقييم الحرس الثوري بأن الهجوم نُفِّذ بمدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد، مزود بنظام أقمار صناعية ذكي باستخدام الذكاء الاصطناعي.

واستغرقت العملية بأكملها أقل من دقيقة أطلق خلالها 15 رصاصة.

فيما أشار محققون إيرانيون إلى زوجة فخري زاده لم تصب مع أنها كانت جالسة على بعد بوصات، وهي الدقة التي نسبوها إلى استخدام برمجيات التعرف على الوجه.

وأوضح ابن القتيل، حامد فخري زاده لاحقاً أنه كان في منزل العائلة في أبسارد عندما تلقى مكالمة استغاثة من والدته، ووصل في غضون دقائق إلى مكان الاغتيال الذي وصفه بأنه مشهد حرب كاملة فقد منع الدخان والضباب رؤيته واشتم رائحة الدم.

وقتل فخري زاده، رئيس مركز الأبحاث والتكنولوجيا لدى وزارة الدفاع الإيرانية، والذي كان يعتبر من أبرز مطوري البرنامج الإيراني النووي، يوم 27 نوفمبر 2020 في عملية اغتيال وصفتها طهران بـ"الإرهابية".

وأفادت وزارة الدفاع الإيرانية حينها، بأن "عناصر إرهابية مسلحة هاجمت سيارة تقل فخري زاده"، الذي أصيب بجروح خطيرة "أثناء الاشتباك بين فريقه الأمني والمهاجمين، ونقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة رغم جهود الأطباء لإنقاذه.

إلى ذلك، اتهمت إيران إسرائيل، التي سبق أن تعهدت مرارا باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، بالوقوف وراء هذه العملية.