تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعض الناخبين العراقيين يواجهون صعوبة في المشاركة

الانتخابات العراقية
AvaToday caption
دعت "هيومن رايتس ووتش" المفوضية، لتوفير المواصلات وإمكانية الوصول إلى أماكن الاقتراع لأصحاب الهمم، وأن تكون المعلومات الانتخابية التي تنشرها ميسرة وسهلة الفهم على الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة
posted onSeptember 22, 2021
noتعليق

مع بدء العد العكسي لليوم الانتخابي الكبير في العراق، في العاشر من أكتوبر القادم، تتعالى الأصوات داخل البلاد وخارجه، لضمان مشاركة فاعلة وكاملة لشريحة واسعة من الناخبين العراقيين، وهم أصحاب الهمم والذين تقدر أعداد من يملكون منهم الحق في الانتخاب بمئات الآلاف.

وانتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها صدر تحت عنوان: "لا أحد يمثلنا: المشاركة السياسية خارج متناول الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق"، فشل السلطات العراقية في ضمان الحقوق الانتخابية للعراقيين من ذوي الإعاقة، الذين غالبا ما يحرمون من حقهم في التصويت، بسبب التشريعات التمييزية، وعدم ملائمة مراكز الاقتراع لاحتياجاتهم، والعقبات القانونية والسياسية أمام ترشحهم للمناصب العامة في البلاد.

وأضاف التقرير: "تستخدم لجنة الانتخابات بشكل شبه حصري المباني المدرسية، التي يتعذر الوصول إلى العديد منها، كأماكن للاقتراع، كما تضع العديد من صناديق الاقتراع في الطابق الثاني في مبان لا توجد بها مصاعد. كذلك فإن السلطات ليس لديها صناديق اقتراع متنقلة أو تصويت إلكتروني، كما لا تتيح التصويت بالبريد، ربما بسبب ضعف النظام البريدي في العراق".

ودعت "هيومن رايتس ووتش" المفوضية، لتوفير المواصلات وإمكانية الوصول إلى أماكن الاقتراع لأصحاب الهمم، وأن تكون المعلومات الانتخابية التي تنشرها ميسرة وسهلة الفهم على الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، وأن تضمن إتاحة المساعدة لمن يحتاجون إليها، وألا يتعارض ذلك مع حقهم في الإدلاء بأصواتهم بسرية واستقلالية.

وحول هذه المشكلة التي تهدد بحرمان مئات آلاف العراقيين من الحق في المشاركة الانتخابية، يقول الكاتب العراقي علي البيدر في لقاء مع قناة "سكاي نيوز": "شريحة أصحاب الهمم مهملة بشكل عام على كافة المستويات والصعد، وهي لا تلاقي الاهتمام المطلوب والكافي بما يتلاءم مع حجم معاناتهم واحتياجاتهم وظروفهم الصعبة، ففي الجانب السياسي خاصة كان ينبغي على المفوضية العليا للانتخابات، توفير فرصة التصويت لهم وهم في بيوتهم عبر تطبيقات إلكترونية وآليات تقنية حديثة وميسرة، أو حتى عبر تنظيم زيارات ميدانية لموظفي المفوضية لهم بمنازلهم كي يدلوا بأصواتهم، بحيث يضمن تحقيق مشاركة واسعة لهم".

وأوضح البيدر شارحا خطورة إقصاء هذه الشريحة من الانتخابات: "المزاج الانتخابي العام في البلاد، يذهب في اتجاه فقدان الثقة بالعملية الانتخابية، وعدم الاكتراث بها بين مختلف العراقيين وخاصة من ذوي الهمم، الذين تزداد نقمتهم على المنظومة السياسية، بما سيجعل مشاركتهم محدودة للغاية وضعيفة، سيما وأن وصولهم لمراكز الاقتراع صعب نظرا لوضعهم الصحي، وهذا مؤشر سلبي على ضعف الإجراءات الفنية والإدارية من قبل مفوضية الانتخابات".

وتابع قائلا: "التجربة الديمقراطية بالعراق ناشئة، وتحتاج لمزيد من الوقت كي تنضج، وقد شاهدنا المزيد من الأخطاء والنواقص المشابهة في مراحل سابقة، فالاهتمام انتخابيا بشريحة ذوي الهمم يتم في بلدان تتعامل معهم بطريقة مختلفة، وفي مجتمعات تقدر ظروفهم وتوليهم أقصى درجات الاهتمام، لكن مع الأسف في العراق فهم أبرز الضحايا حيث لا اهتمام حكومي وسياسي بهم، فمثلا لو ألقينا نظرة على برامج وطروحات مختلف القوى والكتل السياسية المتنافسة في الانتخابات القادمة، لا نجد جوانب مفصلة تتعلق برعاية ذوي الهمم ومعالجة مشكلاتهم وتلبية مطالبهم، وهذا ما يسهم تاليا في ضعف إقبالهم على الانتخابات".

واقترح البيدر صيغة على هذه الشريحة المهضومة الحقوق، لضمان تفعيل دورها السياسي والمجتمعي، بالقول: "الأبدى بهذه الشريحة الكبيرة والمهمة، والتي تتزايد أعدادها مع الأسف في العراق، بفعل الحروب والصراعات المستمرة، المبادرة لتشكيل حزب أو جسم سياسي ما، يمثلها ويؤطر مطالبها ورؤاها وبرامجها، على صعيد معالجة مشكلاتها ورؤيتها لحل كافة الأزمات الوطنية، وبما يجبر الحكومة والبرلمان العراقيين على إقرار تشريعات وقوانين، تنصفهم وتخفف عنهم معاناتهم جسديا ونفسيا، وتكرس مشاركتهم الحقيقية في مختلف مضامير الفضاء العام والسياسي منه على وجه الخصوص".

وتحدث أحد ذوي الهمم العراقيين، والذي طلب عدم كشف هويته، حول هذه النقطة لموقع "سكاي نيوز عربية" قائلا: "لن أصوّت هذه المرة ولن أشارك في الانتخابات، كونها لن تقدم أو تؤخر في تحسين ظروف حياتي الصعبة، ولا ظروف حياة كافة العراقيين".

وبّين أنه "بدلا من مساعدتنا وتوفير ظروف حياة حرة وكريمة لنا، يتم استغلالنا وتحويل معاناتنا لمجرد شعارات انتخابية، في سياق حملات الدعاية والعلاقات العامة لا أكثر، فلماذا نشارك؟".

وفيما أعتبره مراقبون محاولة لامتصاص الانتقادات، لإهمال مشاركة ذوي الهمم في الانتخابات المزمعة قريبا، أعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات في العراق، عن تقديم تسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن في يوم الانتخابات.

وحسب اللجنة فقد صدرت توجيهات لكافة القوات الأمنية المكلفة بحماية المراكز الانتخابية في جميع المحافظات، بتسهيل حركة ونقل ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن في يوم الانتخابات للإدلاء بأصواتهم، دون الكشف عن تفاصيل أخرى حول آليات وشكل المساعدة التي ستقدم في هذا الخصوص.

ورغم عدم وجود إحصاءات موثوقة ودقيقة عن عدد أصحاب الهمم في العراق، لكن الأرقام التي كشفت عنها إحصاءات وزارة التخطيط العراقية قبل أعوام قليلة تشير لنحو مليون ونصف المليون حالة، مع ملاحظة أنها لم تشمل كافة المحافظات العراقية.

فيما تتحدث مصادر برلمانية وحقوقية عن أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير، مشيرة لنحو 4 ملايين حالة، بما يشكل نسبة قرابة 10 في المئة من عدد سكان العراق.

وتتحدث منظمات معنية بالدفاع عن حقوق أصحاب الهمم، عن أن العراق يعد من بين أكثر دول العالم، التي فيها نسب عالية من ذوي الاحتياجات الخاصة بالنظر إلى الحروب الداخلية والخارجية المدمرة، التي مر بها ومخلفاتها كالألغام، وآخرها الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.