Ana içeriğe atla

النظام الإيراني في مأزق

اميني
AvaToday caption
مشكلة النظام أنه لم يسبق الموجة بالانفتاح التدريجي، لا بل انغلق أكثر على نفسه بعد انتخاب ابراهيم رئيسي. فحتى في نيويورك، أراد رئيسي فرض قوانينه على مراسلة "سي.أن.أن" كريستياني أمانبور بإجبارها ارتداء الحجاب
posted onSeptember 30, 2022
noyorum

جويس كرم

التظاهرات التي دخلت اليوم أسبوعها الثاني في إيران رغم سياسات القمع وحجب مواقع التواصل، تعبر عن أزمة حقيقية للنظام الإيراني حتى لو لم يكن مهددا بالسقوط، إذ تضعه أمام معضلة داخلية وسط تحديات كبيرة في الحكم.

الاحتجاجات التي امتدت اليوم لتشمل الشمال والشرق وكذلك العاصمة طهران تنديدا بمقتل الشابة مهسا أميني ليس لعدم ارتدائها الحجاب بل لعدم ارتدائها الحجاب بالشكل المناسب، هي صفعة للنظام لأنها تمس بأحد أعمدته الأساسية: التشدد الديني وقمع المرأة.

الثورة الإسلامية الإيرانية نادت بمجتمع أكثر عدالة وانتفضت على فساد الشاه والملكية في إيران، إنما اجتماعيا قوضت بالكامل طاقة المرأة الإيرانية وجعلت هذا المبدأ في صلب ممارستها الحكم من خلال سجن، ضرب، واعتقال النسوة اللواتي يعترضن على ارتداء الحجاب.

هذا يضع إيران في موقع استثنائي إلى جانب طالبان الأفغانية كآخر نموذجين في الحكم يجبران المرأة على ارتداء الحجاب.

وهكذا ممارسات في العام 2022 تتعارض ضمنا مع أسس المجتمع المدني وحقوق الإنسان، كما تتعارض ممارسات أخرى تقيد المرأة ضد ارتداء الحجاب مع هذه الأسس.

فحرية الفرد ليرتدي ما يشاء من دون أن يتم جلده من عناصر في الشرطة أو رميه بالحجارة كما فعلت طالبان، هو تعبير عن تقدم المجتمع وليس العكس.

لذلك فإن هذه التظاهرات بالذات تشكل معضلة أمام النظام الإيراني، فإذا تراجع عن سياسة فرض ارتداء الحجاب يكون قد أخل بأبرز مقوماته، وإذا لم يتراجع فهو يرسخ صورته بأن نظام رجعي ويقمع الشابات والنساء والأمهات في إيران في القرن الواحد والعشرين.

هذه التظاهرات وخلافا لتظاهرات العام 2009 حول نتائج الانتخابات يومها والاحتجاجات الأخيرة حول الأحوال الاقتصادية، تطال مبدأ موقع المرأة وفيها ما يكفي من الزخم لتتحول إلى حركة اجتماعية تتحدى النظام. فليس من المستغرب أن تسير اليوم تظاهرات من السويد إلى كندا إلى فرنسا وألمانيا وبريطانيا تضامنا مع المرأة الإيرانية.

مشكلة النظام أنه لم يسبق الموجة بالانفتاح التدريجي، لا بل انغلق أكثر على نفسه بعد انتخاب ابراهيم رئيسي. فحتى في نيويورك، أراد رئيسي فرض قوانينه على مراسلة "سي.أن.أن" كريستياني أمانبور بإجبارها ارتداء الحجاب في مقابلة تلفزيونية. أمانبور رفضت ولم تجر المقابلة. وفي هذا أيضا تعبير على ضعف موقف النظام حين يكون التضامن مع المتظاهرين وموقفهم أكبر من أي حديث مع رئيسي.

هنا يمكن المقاربة مع السعودية التي على عكس إيران نجح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فيها في قراءة التغيرات في مجتمعه واندفاعه نحو خطوات تدريجية لإضعاف قبضة المتشددين ومنح المرأة حقوقا أكبر.

إحصاءات المملكة تفيد أن البطالة في صفوف السعوديات هي في حدها الأدنى ونسبة 9.6 في المئة مقارنة بما يناهز الـ 40 في المئة في 2013 مثلا.

في المقابل، جاء خطاب رئيسي من إيران هذا الأسبوع ورد إيران بقصف كوردستان ليعكس الفشل المطلق للنظام بفهم ما يجري حوله واستيعاب الأزمة. فبالنسبة لرئيسي هذه مؤامرة خارجية، وبالنسبة للحرس الثوري فقصف كوردستان قد يخيف أكراد إيران من الدفاع عن أميني.

يزيد من أزمة النظام هو أن التظاهرات تتقاطع مع بدء المنافسة على مرحلة ما بعد المرشد الأعلى علي خامنئي وسط تقارير عن تأخر حالته الصحية. في هذه المنافسة، لا يبدو رئيسي قادرا على إمساك زمام الأمور ولا على تهدئة الشارع.

اليوم النظام هو أمام منعطف هام وليس أزمة سقوط، فهل يتجاوب مع التظاهرات ويقوم بإصلاحات اجتماعية تضرب أبرز مقوماته؟ أم يزيد من حالة الانغلاق والعزلة ومعها الانقسام الاجتماعي في إيران؟ الوقت سيكشف مصير التظاهرات وأفق النظام بعيدا عن حلول فقدت صلاحيتها.