Ana içeriğe atla

طهران والمدار الاستراتيجي لبكين

العلم الإيراني والصيني
AvaToday caption
يختبر هذا الاتفاق الصيني الإيراني عزم إدارة «بايدن» على حل المشكلة النووية الإيرانية مع ضخ الصين المكثف للمساعدات الاقتصادية، والمدفوعات المضمونة مقابل الإمداد المضمون للنفط الإيراني
posted onApril 6, 2022
noyorum

سالم سالمين النعيمي

سعى الحزب الشيوعي الصيني لسنوات إلى تعزيز علاقاته مع طهران على نطاق واسع لتشكيل شراكات وثيقة، ووعد باستثمارات ضخمة في الصناعات الرئيسية والبنية التحتية والقطاعات الاقتصادية والمالية في إيران، وبالتالي خلق اعتماد راجح على بكين بغية إدخال إيران إلى المدار الجغرافي الاستراتيجي لبكين، وتوفير شريان الحياة للنظام الإيراني بتخفيف أثر العقوبات الدولية، وإيجاد طرق وبدائل لتدفق العملة الصعبة إلى طهران، وخاصةً بعد سريان مفعول خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) بين الدولتين والشراكة الاستراتيجية الشاملة، والسيطرة على واحدة من أهم أجزاء خطة مبادرة الحزام والطريق دون عواقب خطيرة على سمعة بكين.

وتمكنت الصين من خلال كبرى شركاتها فك الحصار عن إيران بصورة غير مباشرة، وكان هذا التحول المفاجئ في الأحداث بمثابة ضربة مدمرة لأميركا والتي بدورها فرضت العقوبات على الشركات الصينية مثل هواوي.

تمثل الصين مخرجاً آمناً لإيران وخاصةً أن الصين تربطها كذلك علاقات جيدة جداً مع كبار المنطقة بما في ذلك إسرائيل، ولم يستغرق الأمر أكثر من سبعة أسابيع فقط من تنصيب الرئيس الأميركي «بايدن» حتى تم التوقيع على الاتفاق التاريخي بين إيران والصين، والذي تعد خباياه أكبر بكثير مما هو معلن وفقاً للوثيقة الموقعة، والاستثمارات في قطاعات البنوك والاتصالات والموانئ، والسكك الحديدية والصحة العامة وتكنولوجيا المعلومات في إيران، وفي المقابل فقد ضمنت إيران إمدادات النفط للصين بسعر ثابت ومناسب بغض النظر عن الأزمات والتحديات على الساحتين المحلية والدولية.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فيختبر هذا الاتفاق الصيني الإيراني عزم إدارة «بايدن» على حل المشكلة النووية الإيرانية مع ضخ الصين المكثف للمساعدات الاقتصادية، والمدفوعات المضمونة مقابل الإمداد المضمون للنفط الإيراني، وأصبحت إيران بعد توقيع هذه الاتفاقية الثنائية عام 2021 أقل امتثالاً لإرادة المجتمع الدولي للتخلي عن برامجها النووية، وبالتالي نجاح بكين في استراتيجيتها في التحويل لإبقاء الولايات المتحدة متورطة في مستنقع طويل الأمد في إيران، والضغط عليها من خلال حلفائها في أوروبا والسعي الاستراتيجي لتغيير خريطة النفوذ في العالم بأكمله.

وحتى عندما تتوقف الصين رسمياً عن استيراد النفط من إيران فالنفط الإيراني الخام يصل البلاد متخفياً في صورة واردات من دول أخرى، وستواصل الصين معارضة العقوبات ضد إيران وقد يأتي كل ذلك بنتائج وخيمة على أمن الخليج العربي والمنطقة ككل، حيث ستعمل أميركا حتماً على إفشال أو تعطيل أو عرقلة «مبادرة الحزام والطريق» الصينية في الشرق الأوسط، وتأجيج شبكة متشابكة من الخصومات القومية والطائفية في المنطقة، وإذا كان هدف الصين هو تحقيق نفوذ دون التورط في الشرق الأوسط، فإن مبادرة «الحزام والطريق» لن تنجح ببراعة دون أن تراعي الصين المصالح العربية، لكون معظم الدول العربية تريد علاقة مميزة. ولربما تدرك بكين بأنها تسير على خط رفيع في محاولة لكسب النفوذ، مع الابتعاد عن التنافسات الوطنية المعقدة في المنطقة والصراعات الطائفية، وإن كان الوضع الراهن في الشرق الأوسط بشكل أساسي يعمل لصالح الصين، ولكن إلى متى!