Skip to main content

قيود كورونا تؤجج الغضب في أوروبا

مظاهرات في هولندا
AvaToday caption
اندلعت الاضطرابات في هولندا، الأحد، وأطلق المتظاهرون الألعاب النارية وألحقوا أضراراً جسيمة في إنشيدة، بالقرب من الحدود الألمانية، وفي غرونينغن وليوفاردن في الشمال وتيلبورغ في الجنوب
posted onNovember 22, 2021
nocomment

أصبح الإغلاق سارياً منذ منتصف ليل الاثنين رسمياً في النمسا، وهو إجراء جذري أثار الغضب في الدولة الواقعة في جبال الألب، على غرار بلجيكا وهولندا، حيث أدت إعادة فرض تدابير للحد من انتشار "كوفيد-19" إلى وقوع صدامات، في حين حثّت 15 جماعة معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، الرئيس الأميركي جو بايدن على الانخراط شخصياً في معركة طويلة الأمد لاتخاذ قرار في منظمة التجارة العالمية يقضي بتنازل شركات الأدوية عن الملكية الفكرية للقاحات كورونا.

وأضحت فيينا من جديد مدينة ميتة. وأغلقت المتاجر والمطاعم وأسواق الميلاد والحفلات الموسيقية ومراكز التجميل، باستثناء المدارس، وساد الصمت في العاصمة وفي سائر البلاد الاثنين، 22 نوفمبر (تشرين الثاني).

وفي أوروبا، تعد النمسا أول دولة تعاود حجر سكانها بالكامل، منذ تم توفير اللقاحات للسكان على نطاق واسع. وفرض الحجر المنزلي على 8.9 مليون نسماوي باستثناء حالات معينة، مثل شراء الحاجات وممارسة الرياضة وتلقي الرعاية الطبية. كذلك يمكن الذهاب إلى العمل واصطحاب الأطفال إلى المدرسة، لكن السلطات دعت إلى إبقائهم في المنزل.

وكان هذا السيناريو غير وارد قبل بضعة أسابيع، إذ أعلن المستشار المحافظ السابق سيباستيان كورتس أن الوباء "انتهى"، على الأقل بالنسبة للملقحين. ولم يرغب خلفه ألكسندر شالنبرغ الذي تولى منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في "أن يناقض هذه الرسالة وتبنى لفترة طويلة الوهم" بأن كل شيء على ما يرام، وفق ما ذكر المحلل السياسي توماس هوفر لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأمام ارتفاع عدد الإصابات إلى مستويات غير مسبوقة منذ بداية انتشار الوباء، استهدف في البداية غير الملقحين، ومنعوا من دخول الأماكن العامة، ثم فرضت عليهم قيود على الخروج من منازلهم. وأشار هوفر إلى أن نسبة التطعيم "منخفضة بشكل مخجل"، مع 66 في المئة في مقابل 75 في المئة في فرنسا على سبيل المثال.

واضطر المستشار بعد ذلك إلى اتخاذ هذه التدابير "الجذرية" التي كانت مستبعدة في البداية. فبالإضافة إلى هذا الحجر المقرر لغاية 13 ديسمبر (كانون الأول)، سيصبح تطعيم السكان البالغين إلزامياً اعتباراً من الأول من فبراير (شباط) 2022، وهو ما أقرته دول قليلة في العالم حتى الآن.

وندد هوفر بالـ"فوضى حقيقية" منتقداً "عدم وجود خطة واضحة للحكومة". وقال أندرياس شنايدر، وهو متخصص في مجال الاقتصاد يبلغ من العمر 31 عاماً التقته وكالة الصحافة الفرنسية في أحد الشوارع التجارية في فيينا بعد إعلان الحكومة الجمعة، "كنت آمل في ألا نصل إلى هذا الحد، خصوصاً الآن بعد أن حصلنا على اللقاح. إنه أمر مأساوي".

وكان رد الفعل سريعاً، حيث تظاهر السبت نحو 40 ألف شخص منددين "بالديكتاتورية"، تلبيةً لدعوة أطلقها حزب اليمين المتطرف، بينما كان عدد من النمساويين يحتسون آخر كأس نبيذ أو يتسوقون قبل إغلاق المتاجر.

وحذر وزير الداخلية كارل نهامر، الأحد، من أنه إلى جانب "المواطنين القلقين" يوجد آخرون "يتطرفون". واليوم الاثنين في لينز شمال البلاد، حشدت مسيرة أخرى آلاف المتظاهرين.

وفي أوروبا، التي صارت مرة أخرى بؤرة الوباء بعد ارتفاع عدد الإصابات، وعاد فرض التدابير والتعبير عن الاستياء.

ولليلة الثالثة على التوالي، اندلعت الاضطرابات في هولندا، الأحد، وأطلق المتظاهرون الألعاب النارية وألحقوا أضراراً جسيمة في إنشيدة، بالقرب من الحدود الألمانية، وفي غرونينغن وليوفاردن في الشمال وتيلبورغ في الجنوب.

لكن هذه التظاهرات الأخيرة كانت أقل حدة من أعمال العنف التي اندلعت في روتردام، الجمعة، وفي لاهاي، السبت. وبلغ عدد التوقيفات على مدى ثلاثة أيام من الاحتجاجات 145 شخصاً، بحسب الشرطة ووسائل الإعلام المحلية.

وأثارت الحكومة الغضب مع فرض إغلاق جزئي يتضمن سلسلة من التدابير الصحية التي تتعلق خصوصاً بقطاع المطاعم والتي ينبغي أن تغلق أبوابها عند الساعة الثامنة مساءً. وتنوي كذلك منع الأشخاص غير الملقحين من دخول أماكن معينة للحد من انتقال العدوى.

وفي بروكسل أيضاً، شابت صدامات الأحد تجمعاً ضم نحو 35 ألف متظاهر رافض للتدابير الجديدة، وفقاً للشرطة.

وأعلنت بلجيكا تعميم وضع الكمامة، وتنوي كذلك جعل العمل عن بعد إلزامياً للوظائف التي تسمح بذلك من أجل وقف انتشار الوباء في البلاد.

وفي غوادلوب، إحدى الجزيرتين الرئيستين في جزر الأنتيل الفرنسية، تحولت تظاهرات معارضي الشهادة الصحية والتطعيم الإجباري للعاملين في مجال الرعاية الصحية إلى أزمة ضخمة. ووصلت تعزيزات من الشرطة بعد أن عمت أعمال العنف ليل السبت إلى الأحد تخللتها أعمال نهب وحرق.

وفي ألمانيا، حذر وزير الصحة الألماني ينس سبان، الاثنين، من أن معظم سكان ألمانيا سيكونون إما "تلقوا اللقاحات أو تعافوا أو توفوا" جراء "كوفيد-19" في غضون بضعة أشهر، في إطار دعوته للإقبال على اللقاحات. وقال، "على الأرجح بحلول نهاية الشتاء الحالي... سيكون الجميع إما تلقحوا أو تعافوا أو توفوا" جراء انتشار المتحورة "دلتا" المعدية بدرجة كبيرة. وأضاف، "لذلك نوصي بشكل عاجل بتلقي اللقاح".

وفي كينيا، فرضت السلطات الشهادة الصحية للوصول إلى المرافق العامة والنقل المشترك والأماكن العامة مثل المتنزهات الوطنية، فضلاً عن الحانات والمطاعم. وسيصبح القرار سارياً اعتباراً من 21 ديسمبر.

وفي المقابل، أعلنت رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا آرديرن، الاثنين، أن بلادها سترفع الإغلاق الذي دام ثلاثة أشهر ونصف الشهر في أوكلاند، أكبر مدن البلاد، في مطلع ديسمبر باعتماد استراتيجية جديدة لمكافحة فيروس كورونا.

وقالت آرديرن إنه اعتباراً من الساعة 23:59 في الثاني ديسمبر، ستتبنى نيوزيلندا استجابة جديدة لـ"كوفيد-19" تهدف إلى احتواء المتحورة "دلتا" بدلاً من محاولة القضاء عليها تماماً. وقالت للصحافيين، "الحقيقة المرة هي أن "دلتا" موجودة، ولن تختفي".

على صعيد اللقاحات، حثت 15 جماعة معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، الرئيس الأميركي جو بايدن على الانخراط شخصياً في معركة طويلة الأمد لاتخاذ قرار في منظمة التجارة العالمية يقضي بتنازل شركات الأدوية عن الملكية الفكرية للقاحات "كوفيد-19"، قائلةً إن قيادته لهذه الجهود "ضرورة أخلاقية".

وقالت منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" و"أوكسفام" و"بابليك سيتيزن" و11 جماعة أخرى، في رسالة إلى بايدن، إن هناك حاجة ماسة إلى تنازل طارئ عن ملكية اللقاحات لمكافحة الجائحة، مشيرة إلى أن أقل من سبعة في المئة من سكان البلدان منخفضة الدخل تلقوا الجرعة الأولى من اللقاحات.

وتوفي أكثر من 5.4 مليون شخص بسبب مرض "كوفيد-19" في أنحاء العالم منذ رصد أولى الحالات في الصين في ديسمبر 2019.

وخلافاً لموقف سابق للولايات المتحدة، عبر بايدن عن دعمه للتنازل عن حقوق الملكية الفكرية في مايو (أيار) في خطوة فاجأت بعض الحلفاء، لكن من دون تحقيق أي تقدم يذكر منذ ذلك الحين. ولا تزال هناك معارضة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وسويسرا لهذه الخطوة، بحجة أن مثل هذه التنازلات قد تتسبب في تقويض جهود استغرقت سنوات في الاستثمار والبحث.

ودعا البيت الأبيض الشهر الماضي جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية إلى دعم التنازل المؤقت عن حقوق الملكية، في وقت تضغط فيه المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو إيويالا من أجل التوصل إلى اتفاق في المؤتمر الوزاري للمنظمة في جنيف، الذي سيعقد في الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى الثالث من ديسمبر.

وقالت الجماعات الحقوقية في رسالتها التي اطلعت وكالة "رويترز" على نسخة منها، إنها "تشعر بخيبة أمل كبيرة" إزاء فشل إدارة بايدن في فعل مزيد لضمان التوصل إلى اتفاق بشأن نص التنازل منذ البيان القوي للرئيس الأميركي في مايو.

وحثت الجماعات بايدن على تكثيف جهوده الشخصية وقيادة العالم إلى التوصل إلى اتفاق جاد بشأن هذه القضية. وقالت إن القيام بذلك سيساعد في إنهاء الجائحة واستعادة مكانة الولايات المتحدة حول العالم.