Skip to main content

مصائب النظام الإيراني فوائد

إزدياد معاناة المواطنين من تدهور الوضع الأقتصادي، زاد من الغضب الشعبي ضد النظام الإيراني
AvaToday caption
ورغم كل ذلك لم تستطع هذه الطعنات الغادرة، كلهُا، أن تستأصل الرحمة والمودة من قلوب ضحاياهم العراقيين، ولا أن تقطع صلات القربى التي ربطت بين الشعبين في مئاتٍ من السنين.
posted onNovember 3, 2018
nocomment

إبراهيم الزبيدي

من حيث المبدأ، ليس هناك أي دافع يجعل المواطن العراقي العاقل والإنساني وصاحبِ الضمير الحي يتمنى الجوع والمرض والشقاء والذل لأخيه المواطن البريء في إيران، ولا لأي إنسان آخر في غيرها من بلاد الله الواسعة، برغم فداحة ما فعله الحكام الإيرانيون بالعراق، لا من أول أيام الغزو الأميركي في العام 2003 وحسب، بل من أول هبوط الراحل الخميني على أرض مطار طهران، ليبدأ تنفيذ فكرته الجهنمية القائمة على تصدير ثورته إلى مختلف دول المنطقة، بدءا بالعراق، وانطلاقا منه.

ونُذكّر هنا من لم يعد يتذكر بأهم أربع طعنات غدر مريعة طعن بها الراحل الخميني، والذين ورثوا الحكم من بعده، أشقاءَهم العراقيين:

أولها حربُهم الطويلة المريرة التي خاضوها مع الرئيس الراحل صدام حسين، والتي دفع فيها الشعبان العراقي والإيراني، معا، مئات الألوف من الشهداء، ومليارات من الدولارات التي كانت كفيلة بجعل العراق وإيران أجمل وأكرم جنان الله الوارفة.

وثانيتها استخدامُهم آخر فنون التقية والانتهازية مع النظام المحاصر والمتورط بغزو الكويت، حيث أوهموه بتأييدهم ودعمهم، ثم استدرجوه ليُفصح لهم عن نواياه ومخططاته التي أراد مشاركتهم فيها للانتقام من الخليجيين الذين قال إنهم ورطوه بحربه مع إيران، فباعوا أسراره لأعدائه، ثم أقنعوه بأن يُودع لديهم طائراته العسكرية والمدنية، ففعل، ولكنهم استولوا عليها، ورفضوا إعادتها لأصحابها بعد ذلك. وحين فُرض الحصار الدولي على العراقيين طيلة التسعينات تشاطروا واستغلوا ظروف الحصار، فتصالحوا مع النظام، وتاجروا معه في إغراق المدن والقرى العراقية ببضائع كان كثير منها رديئا أو فاسدا منتهيَ الصلاحية، مقابل نفط عراقي مهرب كانوا يبتزون النظام ويشترونه منه بثمن بخس لا يساوي ثمن استخراجه.

وثالثتها انتهازيتُهم التي جعلتهم يستغلون ظرف الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ويتعاونون مع الجيوش الغازية ليحققوا حلمهم القديم في استعمار العراق وضمه إلى إمبراطوريتهم الفارسية الجديدة.

ورابعها اعتمادهم على أسوأ وكلائهم المحليين وأشدهم قسوة ودموية وأكثرهم جوعا ولهاثا وراء المال والجاه لكي يعاونوهم على تركيع العراقيين وإذلالهم وإشغالهم بالخلافات والضغائن والأحقاد الطائفية والقومية والدينية والمناطقية والقبيلة، ليسهل عليهم حكمهم لعشراتٍ قادمة من السنين. حتى جعلوا الوطن العراقي بؤرة فساد وظلم وتخلّف وتعصب طائفي وعرقي ومناطقي وعشائري، وحقلَ مفخخات ومتفجرات واغتيالات واختلاسات، حتى وضعته المنظمات الدولية المحايدة في كعب قائمة الدول الفاشلة.

ويقال إن لهم نصيبا وافرا من صناعة تنظيم داعش وتسهيل احتلاله لمحافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديإلى، على يد المدعو نوري المالكي، وذلك بدافع الكراهية لسكان هذه المحافظات، وطمعا في استغلال ذريعة محاربة داعش من أجل تسليح أحزابهم وميليشياتهم العراقية حتى النخاع، وجعلها دولة الدولة، وحكومة الحكومة.

ورغم كل ذلك لم تستطع هذه الطعنات الغادرة، كلهُا، أن تستأصل الرحمة والمودة من قلوب ضحاياهم العراقيين، ولا أن تقطع صلات القربى التي ربطت بين الشعبين في مئاتٍ من السنين.

ولكن عقوبات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، السابقة واللاحقة، وتداعياتها على الاقتصاد والأمن في إيران، دون شك، ودون لف ودوران، هي أمل العراقيين الوحيد الباقي لخلخلة نظامها وإضعافها، ولشغلها بمتاعبها الداخلية، لكي تضطر في النهاية إلى كفِّ أذاها عن الشعب العراقي، وعن شعوب أخرى كثيرة في المنطقة والعالم.

هذا مع التذكير بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم يفرض عقوباته القاسية الخانقة حبا بالعراق، ولا لسواد عيون العراقيين، بل هي حربُ مصالح متضاربة بينهما لا ناقة فيها للشعب العراقي ولا جمل.

ورغم أن أغلب أضرارها المدمرة أصاب، ويصيب، حياة المواطن الإيراني البريء، ويجعلها مريرة أشبه بحياة أخيه العراقي، أيام الحصار الدولي السابق في التسعينات من القرن الماضي، إلا أنها قد تكون الثمن الباهظ الذي قضى الله على الشعب الإيراني بدفعه من أجل الحصول على حريته وخلاصه من النظام الذي أذاقه المر والفقر والتخلف، وألّب عليه حكوماتٍ وشعوبا لا تعد ولا تحصى في المنطقة وفي العالم. ومن يدري، فقد تكون قسوة هذه العقوبات هي الضارة النافعة، من دون ريب. “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم”، كما يقول كتاب الله.

عراقيا، لم يعد أحد من العراقيين المنكوبين بوجودهم وبفساد وكلائهم لا يتمنى أن تشتعل الحرائق في عقر دارهم في إيران فتجبرهم على رفع أيديهم عن العراق لتدور فيه عجلة العدالة والقصاص دون حماية أو وصاية من أحد.

فليس سوى هذا ما يعيد العراق إلى أهله، سالما غانما، بعد طول انتظار، وليس غيره، أيضا، ما يعيد إيران إلى أهلها سالمة غانمة، فيعم السلام والمودة بين الوطنين والشعبين من جديد، وتعود أيام الألفة والأخوة والجيرة الحسنة السابقة، أيام كانت المغنية العراقية الفارسية زهور حسين تغني في إذاعة الدولة العراقية بالفارسية فيصفق لها العراقيون، شيعة وسنة، وعربا وأكرادا، ومسلمين ومسيحيين.

هذه هي الحكاية من طقطق لسلام عليكم. فهل يتعظُ من ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم؟

كاتب عراقي