Skip to main content

الاطار التنسيقي يطيح بمحافظ البنك المركزي العراقي

العملة العراقية
AvaToday caption
لا يخرج قرار السوداني على الأرجح عن سياق ضغوط شديدة يتعرض لها من قبل قوى في الإطار التنسيقي كانت قد لوحت في الفترة الأخيرة برفع الغطاء السياسي عنه ما لم يعد في قراراته لمرجعية الإطار
posted onJanuary 23, 2023
nocomment

أعفى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه وكلف علي محسن العلَّاق مكانه بالوكالة وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع" في خضم تقلبات كبيرة يشهدها الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية، فيما يعتقد ان الاقالة مرتبطة بمساع من قبل الاطار التنسيقي للسيطرة على مناصب هامة في الدولة وعداء بعض الاحزاب الشيعية للمحافظ المقال بسبب سعيه لمواجهة بعض التجاوزات المصرفية وتعزيز التعاون الدولي للحد من تهريب العملة فيما ثمنت قيادات من الاطار الاعفاء واعتبرته ضروريا لاصلاح الوضع المالي.

كما أحال السوداني مدير المصرف العراقي للتجارة سالم جواد الجلبي على التقاعد وكلّف بلال الحمداني في منصبه مع الحفاظ على مهامه السابقة كمدير للمصرف الصناعي.

وقد اتهم النائب المستقل سجاد سالم الاثنين في تصريح لمواقع أخبارية محلية الإطار التنسيقي بمحاولة السيطرة على البنك المركزي محذرا من مخططات للمساس من قبل قوى سياسية بالسلطة النقدية وهو ما سينعكس سلبا على التوازنات المالية في البلاد.

ونفى النائب ان تكون الازمة متعلقة بمحافظ البنك المركزي قائلا ان "إعفاءه من منصبه ليس حلاً لهذه الازمة ولن يكون هذا الإعفاء سبباً لخفض سعر صرف الدولار في السوق المحلي".

وشدد على ان ارتفاع سعر صرف الدولار سببه الرئيسي تهريب العملة، وإعفاء محافظ البنك المركزي يندرج في اطار الصراع السياسي وليس مواجهة الازمة التي ساهم حلفاء ايران في تعميقها.

وكشف النائب ان تعيين علي محسن العلاق محافظا للبنك ياتي خدمة لخطة الاطار التنسيقي للسيطرة على البنك المركزي. فيما يعتقد ان المساعي تاتي لعرقلة جهود الرقابة على التحويلات البنكية بين ايران وحلفائها.

ولا يخرج قرار السوداني على الأرجح عن سياق ضغوط شديدة يتعرض لها من قبل قوى في الإطار التنسيقي كانت قد لوحت في الفترة الأخيرة برفع الغطاء السياسي عنه ما لم يعد في قراراته لمرجعية الإطار، في حين دعا قادة بارزون من الموالين لإيران إلى تقييم عمل وزراء ومسؤولين بعد أشهر قليلة من توليهم مهامهم.

واعتبرت إيران والقوى الشيعية العراقية الموالية وكذلك حزب الله اللبناني أن أزمة سعر صرف الدينار العراقي، مؤامرة أميركية لضرب الاقتصاد العراقي بعد أن فرضت الولايات المتحدة قيودا على التحويلات المالية في 15 بنكا عراقيا تعتقد أنها منفذا لتدفق التمويلات الإيرانية لوكلائها في المنطقة ومن بينهم الجماعة الشيعية اللبنانية بزعامة حسن نصرالله.

ولم يقدم السوداني مبررات لإعفاء محافظ البنك المركزي واستبداله بآخر، لكن توقيت القرار في حدّ ذاته يشير إلى بعده السياسي أكثر منه محاولة لكبح تدهور قيمة الدينار أمام الدولار وعملات أجنبية أخرى.

وتشكل هذه التطورات اختبارا لمدى استقلالية قرار السوداني وقدرته على إدارة الشأن العام ومكافحة الفساد والنأي بالعراق عن النفوذ الإيراني، إلا أن الواضح أنه من الصعب أن يخرج من عباءة الإطار لتنسيقي وضغوطه التي وصلت حد التهديد بإعفائه.

وفعلا ثمنت قيادات في الاطار الخطوة حيث افاد القيادي البارز في الاطار حسن فدعم لموقع " شفق" ان الكتلة ستدعم كل اجراء من شأنه معالجة ارتفاع سعر الصرف للدولار والمحافظة على استقرار السوق".

وزعم فدعم ان "الاطار لا يتحكم في جزئيات وحيثيات طرق المعالجة وإنما الأمر يخضع لرأي المختصين والخبراء وتقدير الموقف المناسب من قبل رئيس الوزراء" في محاولة للتغطية على دور الاطار في فرض القرارات المصيرية.

بدوره كشف هشام الركابي مدير مكتب زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي تعليقا على الاعفاءات ان هناك قرارات أخرى "مهمة" ستتخذ لتعيد الأمور الى نصابها ما يكشف ان رئيس الوزراء الاسبق يتحكم في كثير من القرارات المصيرية من وراء الستار.

وتابع "بعد التغييرات التي أجراها رئيس الوزراء صباح اليوم في البنك المركزي العراقي والمصرف العراقي للتجارة، هناك قرارات مهمة أخرى ستتخذها الحكومة ستعيد الأمور الى نصابها تدريجيا".

وتسعى قوى الاطار التنسيقي للهيمنة على عديد المناصب المتعلقة بالاقتصاد وكذلك الامن من خلال السيطرة على منصب رئيس جهاز المخابرات الذي يخضع لإشراف السوداني حالياً، عقب إنهاء تكليف رائد جوحي المقرب من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

وبعد خطوة الاعفاء سجل سعر صرف الدولار في السوق العراقية انخفاضا طفيفا  مقابل الدينار حيث ذكر متعاملون في سوق العملات الأجنبية أن سعر صرف الدولار سجل صباح الاثنين انخفاضا مقابل الدينار وصل إلى 162 ألف دينار مقابل كل 100 دولار أميركي، بعد أن  ظل مرتفعا حتى الليلة الماضية عند مستوى 164 ألف دينار لكل 100 دولار أميركي.

واوضح المتعاملون أن سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي لايزال مرتفعا في السوق الموازية، فيما تطرح المصارف العراقية الحكومية والخاصة الدولار الأمريكي أمام المواطنين لأغراض السفر من أجل العلاج والدراسة والتعاملات التجارية بالسعر الرسمي للبنك المركزي العراقي.

واتخذ السوداني خلال اجتماع عقد الأحد مع اتحاد الغرف التجارية العراقية العديد من الإجراءات بهدف ووضع حد لتقلبات العملة من بينها فتح نافذة جديدة لبيع العملة الأجنبية لصغار التجّار عبر المصرف العراقي للتجارة.

وأعلنت السلطات العراقية قبل ذلك اتخاذ حزمة إجراءات منها تسهيل تمويل تجارة القطاع الخاص بالدولار من خلال المصارف العراقية وفتح منافذ لبيع العملة الأجنبية في المصارف الحكومية للجمهور لأغراض السفر.

وفقدت العملة العراقية حوالي 10 في المئة من قيمتها وتراجع سعر الدينار في السوق منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني إلى 1600 دينار، قبل أن يستقرّ عند نحو 1570.

وقرر البنك المركزي العراقي الشهر الجاري تعديل سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، إذ بلغ سعر شراء الدولار من وزارة المالية 1450 دينارا، أما سعر بيعه للبنوك فقد حدد بـ1460 دينارا لكل دولار، فيما ضبط سعر البيع للمواطن بـ1470 دينارا لكل دولار.

ومثل تقلب العملة وفقدان جزء من قيمتها معضلة حقيقية في العراق الذي يستورد الكثير من احتياجاته من الخارج.

ويدفع الدينار العراقي ثمن الصراع المحتدم بين إيران والولايات المتحدة بسبب قيود أميركية على نحو 15 مصرفا عراقيا لمحاصرة منافذ تدفق أموال من إيران لوكلائها في المنطقة.

ورغم أن إيران والأحزاب العراقية التابعة لها وصفت الإجراءات بأنها مؤامرة أميركية ومحاولة لتجويع الشعب العراقي ومحاصرة الحكومة الإيرانية لكن السلطات العراقية بدأت الامتثال لإجراءات دولية تتعلق بالتحويلات المالية بالعملة الصعبة.

وقال هادي العامري رئيس تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي الذي يضمّ فصائل موالية لإيران منضوية في الدولة الأسبوع الماضي ان الأميركيين يسعون لممارسة "الضغوط على العراق لمنع انفتاحه على أوروبا ودول العالم"، مؤكدا أن "الأميركيين يستخدمون الدولار كسلاح لتجويع الشعوب".

وفي المقابل يقول خبراء اقتصاديون ان تقلّب الدينار لا علاقة به بالضغوط الأميركية وهو يعود إلى امتثال العراق لبعض معايير نظام التحويلات الدولي (سويفت) الذي بات ينبغي على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة.

ورفض الاحتياطي الفدرالي منذ بدء تنفيذ القيود 80 في المئة من طلبات التحويلات المالية للمصارف العراقية بسبب شكوك حول الوجهة النهائية لتلك المبالغ الذي يجري تحويلها.

وكان لهذا الرفض تداعياته على عرض الدولار في السوق العراقية، إذ تراكم الطلب لكن العرض لم يكن متسقا معه وبالتالي تراجع سعر الصرف مع انخفاض تحويلات المصارف بالدولار.

في المقابل نفى السفير الإيراني لدى بغداد محمد كاظم آل صادق الشهر الجاري ما يروج حول اتهام بلاده بالوقوف وراء تهاوي الدينار العراقي.

ويعتبر محافظ البنك المركزي المقال رجل قانون تولى منصب محافظ المركزي في سبتمبر/أيلول 2020، وكان قبل ذلك يعمل مديراً للدائرة القانونية في البنك المركزي.

فيما يشغل خليفته منصب محافظ العراق في صندوق النقد الدولي منذ عام 2014، ورئيس مجلس محافظي صندوق النقد العربي منذ 2020، ومحافظ العراق في الصندوق.