Skip to main content

تأثيرات تلغرام على سعر صرف العملة الإيرانية

تلغرام
AvaToday caption
تحاول الحكومة الإيرانية اتخاذ أي تدابير لدعم قيمة التومان
posted onNovember 25, 2018
nocomment

سلطت مجلة "الفورين بوليسي" الضوء على استغلال تطبيق "التلغرام" الذي يستخدمه حوالي 40 مليونا في إيران، من قبل تجار العملة الصعبة للتلاعب بسعر العملة من خلال بث أخبار مزيفة بهدف زيادة أرباحهم.

وذكر التقرير أن التومان الإيراني الذي بدأ بالسقوط التدريجي والانهيار منذ شهر مايو، عندما خرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي، بدأ مؤخرا يستعيد استقراره التدريجي، لكنه بسعر مرتفع كثيراً عن السعر الحقيقي الذي حددته الحكومة.

وفي مايو/ أيار، قفز التومان من 37 ألف ريال مقابل الدولار الواحد، إلى حوالي 44 ألفا، ثم إلى 80 ألفا، حتى بلغ 190 ألفا بالتزامن مع خطاب روحاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي.

أما في الوقت الحالي فقد استقر سعر الريال بحوالي 120 ألفا و500 ريال، أي بحوالي ثلاثة أضعاف السعر الحكومي الذي حددته الحكومة بـ 42 ألف.

وبحسب المجلة، لا يتعلق ارتفاع سعر الدولار بإعادة فرض العقوبات الأميركية فحسب، بل بنقاط الضعف الأساسية في الاقتصاد الإيراني التي ساهمت في انهيار العملة الإيرانية.

كما ربطت ذلك بالتداول المتعمد للشائعات والأخبار المزيفة على "التلغرام" من قبل تجار العملة والوسطاء الذين يهدفون إلى تحقيق ربح أكبر.

فبمجرد أن أصبح واضحا أن الولايات المتحدة ستعيد فرض العقوبات، شعر العديد من الإيرانيين من الطبقة الوسطى والأثرياء بأن لهم مصلحة في الانخراط في تجارة العملة، بعد أن استنتجوا أن قيمة العملة المحلية ستتراجع قريبا.

بالنسبة لكل هؤلاء الإيرانيين، كان الهدف هو شراء الدولارات حتى إن بعض المواطنين باعوا منازلهم واستثمروا العائدات بالدولار للحفاظ على قيمة ممتلكاتهم أو ببساطة للحصول على ربح.

وأدت هذه الموجة إلى قفزة كبيرة في سعر التومان الإيراني مقابل الدولار.

في حين حاولت الحكومة الإيرانية السيطرة على الأمور بطرق مختلفة، بما في ذلك حظر البيع للعملة الأجنبية رسميا، لكن هذا لم يوقف سوق تداول العملات، بل راحت العملة المحلية تتهاوى بشكل متسارع أمام الدولار.

في نفس الوقت، كانت هناك دائماً فجوة بين التجار الكبار للعملات والصرافين الذين يعملون بشكل شخصي وجزئي خاصة في شارع فردوسي في طهران، وهو مركز غير رسمي لصرف العملات، حيث يمكن لأي شخص جلب الريال نقدًا والخروج بدولارات أميركية.

وذكرت "الفورين بوليسي" مثالاً على ذلك، ما فعلته امرأة مسنة حين حولت كل دخلها السنوي إلى الدولار، وبدلته بسعر 170 ألف ريال للدولار، رغم أن السعر كان متقلبا.

ووفقا للتقرير، يستخدم تجار العملة "التلغرام" لزيادة أرباحهم الخاصة، مستغلين افتقار السوق السوداء إلى الشفافية على حساب زبائنهم وتخبط الحكومة الإيرانية.

وأصبح التلغرام لسهولة استخدامه وأمنه من أكثر مصادر الأخبار الموثوقة لدى الإيرانيين، في ظل عدم الثقة بوسائل الإعلام الرسمية وحتى الصحف الحكومية.

وعندما دخل العملة المحلية  في منحدر السقوط الحر، بدأ تجار العملة بإنشاء مئات من القنوات على التلغرام للإعلانات الفورية عن تقلبات سعر الدولار، وتقديم المشورة للصرافين وتجار شراء وبيع العملات والمواطنين.

وانضم الإيرانيون إلى هذه القنوات بأعداد كبيرة، حيث كسب بعضها 2 مليون عضو، لدرجة أنهم أصبحوا قوة قادرة على التأثير في سعر صرف العملة.

كما يذكر تقرير الفورين بوليسي، أن تجار العملات استخدموا هذه القنوات لنشر الأخبار الاقتصادية المشوهة، بهدف رفع سعر الدولار أكثر فأكثر.

وعلى سبيل المثال، في الأسابيع الأخيرة، عندما بدأ التومان في استعادة قيمته بشكل طفيف، قامت تلك القنوات بتأخير الإعلان عن ارتفاع الأسعار، بينما علن بعضها الآخر عن أسعار زائفة تمامًا.

كما تجاهلت العديد من تلك القنوات التغيرات الإيجابية، وركزت على الآثار السلبية للعقوبات النفطية الأميركية على العملة الإيرانية.

من جهتها، حاولت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية التصدي لهذه التقارير، عبر التأكيد على الأخبار الإيجابية حول مستقبل التومان ومحاولة تفنيد أخبار قنوات التلغرام، لكن العديد من المواطنين الإيرانيين العاديين لم يكونوا متأكدين من صحة التقارير الإخبارية المتناقضة وتمسكوا بالدولارات التي اشتروها سابقاً بدلاً من بيعها بالتومان الإيراني.

وفي الآونة الأخيرة، ظهرت قنوات تلغرام جديدة تبدو أنها مصممة من قبل الحكومة على وجه التحديد، للرد على القنوات الشعبية التي أنشأها تجار العملات.

ولعل أبرز تلك القنوات، قناة "الدولار-التومان" ، التي يبدو أنها تملك هدفًا صريحًا يتمثل في دعم العملة المحلية أمام هجوم التجار وتصفهم بالـ"خونة وعملاء الأجانب".

وقد نجحت تلك القناة في جذب أكثر من مليوني عضو، وهو ما يشير إلى أن المجتمع الإيراني قد يكون غاضبًا من التلاعب الملحوظ في سوق العملات في إيران من قبل الجهات الفاعلة ذات المصلحة الذاتية.

لكن تم حظر القناة مؤخرًا لأسباب غير معروفة، وبعد ذلك أطلق منشئوها قناة جديدة تضم الآن 55000 عضو.

وتحاول الحكومة الإيرانية اتخاذ أي تدابير لدعم قيمة التومان، وفقا لتحليلات الخبراء الاقتصاديين الإيرانيين الذين يرون بأن الأساسيات الاقتصادية تشير إلى أن الدولار يجب أن يتداول بحوالي 80 ألفا إلى 90 ألف ريال.

وكانت الحكومة أطلقت نظام "نيما NIMA" بهدف تبادل العملات الأجنبية للتجار من أجل عمليات الاستيراد والتصدير وحددت سعر الدولار وفقه بحوالي 80 ألف تومان.

وجاءت هذه السياسة الأخيرة من قبل البنك المركزي الإيراني بهدف الحد من استخدام بطاقات السحب المقومة بالتومان والتي استخدمها تجار العملة لشراء مبالغ كبيرة من الدولارات.

لكن مع كل هذا، وبالرغم من أن سعر الدولار الأميركي لا يزال متذبذبا بمستوى 120 ألف ريال، لكنه ما زال أكثر بثلاثة أضعاف السعر الحكومي أي 42000 تومان، ومن المتوقع أن يرتفع مجددا مع توالي إعلان مختلف الدول امتناعها عن شراء النفط الإيراني امتثالا للعقوبات الأميركية.