تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الشمري: السيستاني أجبر إيران لتخلي عن عبدالمهدي

دكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق
AvaToday caption
المشكلة لاتكمن في النظام وبطبيعة النظام، لكن يرتبط بالنضج الطبقة السياسية العراقية، نظام برلماني هو نظام جيد ومعمول بهِ بأغلب الدول الديمقراطية في العالم
posted onJanuary 28, 2020
noتعليق

كارزان حميد

منذ تشرين الأول الماضي خرج ملايين من العراقيين للشارع لتغير طبيعة النظام السياسي القائم منذ 2003، وفي المقابل جابهت الحكومة هذه الأحتجاجات بقوة السلاح والعنف المفرط، ناهيك عن تحريك ماكينات الأعلام ضدها.

في حوار مفصل مع رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، دكتور إحسان الشمري حول هذه الحركة الأحتجاجية قال لشبكة (AVA Today) الأخبارية " الآن يملكون الشرعية الشعبية".

موضحاً " الحراك الشعبي هي حركة وطنية تحدث في العراق بشكل لافت جداً، وايضا بشعارات بعيدة عن العناوين أو الخطابات الطائفية أو القومية، هدفها عملية الأصلاح".

حول دور إيران في العملية السياسية في بغداد يؤكد الشمري " إيران تجد من الصعوبة أن تتخلى عن العراق، ومعادلة السلطة تحاول الحفاظ عليها".

كاشفاً " إيران لاتستطيع أن تتحرك في المساحة التي تتحرك فيها السيستاني، وأرغم عن التخلي عن عبدالمهدي".

دكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق

* ماذا حدث في العراق، لكي ينفجر مظاهرة مليونية في عموم العراق، وخلافا لماهو متوقع أستمر أكثر من ثلاثة أشهر؟

إحسان الشمري: طبعا كثير من العوامل أو المحفزات هي من دفعت الى هذا الأنفجار، أرى أولا؛ يرتبط بسوء إدارة الحكومة للوضع الداخلي، وعجزها عن تنفيذ برنامج الذي دفعت بهِ، أيضا أخفاض معادلة السلطة التي تدعم الحكومة من تشريع قوانين المهمة التي تلبي طموحات الشارع العراقي، فضلا عن عدم قدرة الحكومة محاربة الفساد، سوء الخدمات والإدارة أيضاً، مثلما أشرت.

فضلا عن أنحياز تام للحكومة للحلفاء إيران الركيزة الأساسية لها، ومعادلة إيران على حساب سياسة التوازن التي نجح بها رئيس الوزراء السابق دكتور حيدر العبادي، وبالتالي هذه جميعها كانت محفزات لهذه الأنتفاضة المليونية.

* هل يستطيع المتظاهرون أحداث تغيير في الخارطة السياسيية؟

إحسان الشمري: بتصوري نعم؛ لديهم القدرة على ذلك، هذه تحدث لأول مرة بعد عام 2003 لأن الحراك أو الحركة الأحتجاجية في العراق تستطيع أن تقيل رئيس الوزراء، وهذا بحد ذاتهِ منجز كبير، أيضا دفعت البرلمان العراقي الى إقرار قانون أنتخابات وأسقطت المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات، كادرها التي كانت تتقاسمها الأحزاب، جميعها هذه المنجزات تحسب للحركة الأحتجاجية.

ومن ثم الأستمرار الذي تمضي بهِ هذه الحركة الأحتجاجية هي من أجل أستكمال مطالبها فيما يرتبط بأختيار رئيس الوزراء مستقل بعيدة عن الأحزاب، وايضا وضع توقيتات زمنية لأنتخابات مبكرة التي يصر عليها المتظاهرون، وهم ماضون في موضوع الأنتخابات المبكرة، وبأعتراف الجميع أغلب الأحزاب وليس جميعها لم يكن هناك توقع عندها بأن عبدالمهدي سيسقط، ولكن هذه التظاهرات حققت أنجاز كبير جداً.

أنا أتصور يستكمل هذا المنجز، بأختيار رئيس وزراء مقارب للمعايير التي طرحها الساحات وأيضا تحديد موعد فيما يرتبط بالأنتخابات المبكرة، وتقديم قتلة المتظاهرين وأيضا كشف ملفات الفساد، هذا على مستوى الحكومة الجديدة.

أنا أتصور أنجازاتهم لن تتوقف ولديهم القدرة، وهم الآن يملكون الشرعية الشعبية، هنا نتحدث ويبدو قرارهم هو أقوى من قرار القوى السياسية.

دكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق

*  يقال إن هناك أياد خفية تحرك هذه المظاهرات من أجل فرض هيمنتها على الساحة العراقية، وهناك أتهامات غير مباشرة لبعض بلدان أقليمية ودولية؟

إحسان الشمري: جزء من الأتهامات لهذه الحركة محاولة وصفها بأنها تابعة الى أمريكا، أو بدعم أمريكي، وهذا خطأ كبير جداً، والأكثر من ذلك هناك دول خليجية أيضاً تدعم.

هذا جزء من عملية التشويه لهذه الحركة الأحتجاجية، ولا أتصور بأنه هناك دعم، وهذا ماتمارسه أطراف تقف بالضد، وأقصد بالتحديد أطراف السلطة كأحزاب وكقيادات أتحدث، هي تحاول أن تشوه هذه الحركة الأحتجاجية بشكل يضعها في دائرة المؤامرة الخارجية وهذا خطأ كبير جداً.

الحراك الشعبي هي حركة وطنية تحدث في العراق بشكل لافت جداً، وايضا بشعارات بعيدة عن العناوين أو الخطابات الطائفية أو القومية، هدفها عملية الأصلاح.

لكن هناك قوى أتحدث عن قوى السلطة الحليفة لإيراني هي تحاول وتعمل في نفس الوقت على تقويض هذه التظاهرات، ومن الصعوبة عن محاولة توجيه هذه التظاهرات من قِبا ايادي خارجية، لأنه فيما يبدو الأيادي الخارجية تريد أن تخمد هذه التظاهرات، لكن أتهامهِ بأنها خارجية، أعتقد أنه جزء من محاولات التشويه لا أكثر.

* بعض السياسيين والباحثين يقولون سبب أنفجار المظاهرات هي، بسبب أتفاقية الحكومة العراقية مع الصين، ماهي تصوراتكم حول ذلك الأتفاقية؟

إحسان الشمري: هذا جزء من عملية التشويه ومحاولة وصف هذه التظاهرات ضمن ستراتيجية المؤامرة، وهو تسطيح للعقول، الموضوع لايرتبط بالأتفاقية الصينية بقدر مايرتبط بمحفزات وفواعل داخلية، وهذا جزء أيضا من دفع الأعلامي لاحزاب السلطة وللحكومة، وايضا للقوى التابعة لإيران بالتحديد.

لا أتصور بإن الأتفاقية الصينية هي من دفعت للخروج الملايين في تظاهرات التي تدخل شهرها الرابع، هي بكل أحول الأتفاقية الصينية، أتفاقية ضبابية، لايوجد نصوص لها، ولا يوجد معايير مجرد أنها تفاهمات.

لذلك لا أمضي مع هذه الفرضية، وهي مجرد دفوعات أحزاب ومعادلة السلطة، وهي غير دقيقة ومحاولة لتسطيح العقول.

* خارطة مجلس النواب العراقي، معقد لدرجة لايمكن التنبوء بأي قرار يصدر بالأكثرية، هل يستطيع البرلمان حسم ملف ترشيح رئيس وزراء جديد؟

إحسان الشمري: أتفق معك بخصوص مجلس النواب، هناك جو مشتبك ومعقد في نفس الوقت تحت قبة البرلمان العراقي، يظهر لنا بأننا أمام إنقسام حاد داخل البرلمان، لكن هذا لايمنع هذا الأنقسام قد يكون حدث نتيجة التظاهرات والأنتفاضة الحالية التي حدثت، وأيضا ماجرى حول قرار إنسحاب الأمريكي، الذي أتخذته بعض القوى الشيعية.

نعم هناك إنقسام، لكن في موضوع رئيس الوزراء القادم البيت السياسي السني وكذلك البيت السياسي الكوردي هو سينتظر ماسيخرج من البيت السياسي الشيعي من مرشح، وبالتالي، يمضون معه، لأنهم يعتقدون أنه حدثٌ على السُنة، والكورد يعتقدون بإن منصب رئيس الوزراء عُرفا خاضع الى البيت الشيعي، لذلك لن يكون هناك إنقسام حول هذه الشخصية.

لكن بكل الأحوال، هذه البيوتات يجب أن تؤمن بأن الحكومة القادمة يجب أن تكون مستقلة وحكومة متخصصين، أما إذا رجعت هذه البيوتات الشيعية والسنية والكوردية الى موضوع المحاصصة من جديد، بالتأكيد سنشهد تقاطعا وتصادما تحت قبة البرلمان، قد لانرى حكومة أو حتى تصويت الكابينة الحكومية القادمة.

مع ذلك ضغط الشارع العراقي أيضا مرجعية النجف المرجع الشيعي، علي السيستاني، ستكون ضاغطة وحاضرة بشكل كبير، والجميع يحاول الخروج من هذه الأزمة، لأن أستمرار التظاهرات، أعتقد أنه سيكون نهاية البرلمان، وهذا ما لاتريده هذه القوى السياسية.

دكتور إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي في العراق

* ماهي أفضل نظام لإدارة العراق من الناحية السياسية والأقتصادية؟

إحسان الشمري: فيما يرتبط بالنظام السياسي الديمقراطي، والديمقراطية أيا كانت سواء برلمانياً أو حتى رئاسياً، الآن أتحدث عن رأي شخصي؛ المشكلة لاتكمن في النظام وبطبيعة النظام، لكن يرتبط بالنضج الطبقة السياسية العراقية، نظام برلماني هو نظام جيد ومعمول بهِ بأغلب الدول الديمقراطية في العالم، لكن مشكلة النظام مرتبط بالطبقة من يديرها لذلك تشوهت صورة هذا النظام.

حالما نجد طبقة سياسية تمتلك ثقافة ديمقراطية ودستورية وتؤمن بالعراق، فبتصوري يمكن أن يمضي النظام بثبات وتتراكم الديمقراطية في العراق.

أما النظام الأقتصادي؛ أمضي مع أقتصاد السوق وحرية التجارة، ولايمكن عودة مرة أخرى الى النظام الأشتراكي، لأن هذا النظام فشل في العراق في التعامل في الأنفتاح على كل دول العالم وأقتصاديات العالم، طبعا ربط الأقتصاد بأقتصاديات عالمية الكبرى بكل الأحول سيكون ذات فائدة كبيرة جدا على الأقتصاد العراقي.

* هل تدع إيران أن يصل العراق الى بر الأمان؟

إحسان الشمري: إيران في هذا الوقت التي تعاني من العزلة والعقوبات، تجد في العراق رئة سياسية وأيضا ورقة ضغط على واشنطن وأرض الأشتباك معها، وبالأضافة تنظر الى العراق على أنه رئة أقتصادية، هي لاتريد أن تتخلى عنها وتعده ضمن مجالها الحيوي.

صرح كثير من مسؤولين الإيرانيين، وهذا خلاف واقعنا، بإن العراق ضمن (محور المقاومة)، وفي الوقت ذاتهِ العراقييون يرفضون هذه التسمية ويبحثون عن السيادة، لذلك جزء من محفزات الأنتفاضة هو الثورة ضد التمدد و النفوذ والهيمنة الإيرانية في الداخل العراقي.

لذلك أتصور بإن إيران تجد من الصعوبة أن تتخلى عن العراق، معادلة السلطة تحاول الحفاظ عليها، ومحاولة محافظة على رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي، لكن إقالة المرجعية الدينية والشارع لعبدالمهدي، أرغم إيران أن تغير خططها في الداخل العراقي.

إيران لاتستطيع أن تتحرك في المساحة التي تتحرك فيها السيستاني، وأرغم عن التخلي عن عبدالمهدي، لكن هذا يعطي مؤشر بأن إيران ستستمر في محاولة الهيمنة والتأثير على القرارات الداخلية.

لكن أتصور بأنها لاتنجح، لأنه هناك وعي ونضج من قبل الشارع العراقي، لن يسمح مرة أخرى للهيمنة على العراق، يريد أن يكون منطقة الألتقاء ومنطقة التوازن، وليس منخفظ للسياسية الإيرانية أو حتى التدخلات الخارجية الأخرى