تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"المجدلية" تحفة رفائيل في حوزة هواة

تحفة رفائيل
AvaToday caption
عدد لا يحصى من التحليلات، بما في ذلك عمليات تصوير باستخدام الأشعة تحت الحمراء لطبقات الكربون المخفية بواسطة أصباغ الطلاء، تمكن المتخصصون من نسب اللوحة إلى رفائيل
posted onOctober 23, 2023
noتعليق

أثبت خبراء فرنسيون وإيطاليون أن لوحة اشتراها هواة جمع فرنسيون عبر الإنترنت هذا العام من دون معرفة تاريخها، هي في الواقع عمل فني لرسام عصر النهضة الإيطالي والمهندس المعماري رفائيل، يرجع تاريخه إلى لقائه مع ليوناردو دافينشي بحدود عام 1505.

ويقول أحد هواة الجمع لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم كشف اسمه، "عندما رأيت صورة العمل على الإنترنت للمرة الأولى، لفتت انتباهي طريقة تجسيد القديسة مريم المجدلية على الفور".

واشتراها هواة الجمع من معرض في لندن مقابل 30 ألف جنيه استرليني (36 ألف دولار). ويستذكر قائلاً "عندما تسلمنا اللوحة، كان الأمر مؤثراً أكثر، على رغم أنها كانت قذرة حقاً".

وبعد أن اعتقد أنها لوحة من مدرسة ليوناردو دا فينشي، استعان هاوي الجمع بخبرة العضو في فريق متخصص تابع لـ"يونيسكو" في فلورنسا الإيطالية أناليزا دي ماريا، التي أكدت نسب العمل إلى رفائيل في سبتمبر (أيلول).

ويوضح هذا الرجل الثلاثيني، وهو هاوي جمع مثل والده، أن إعادة تحديد نسب اللوحة "لا تغير شيئاً في جمالها الروحي"، مبدياً رغبته في مشاركة هذا الاكتشاف "الاستثنائي" مع عامة الناس من خلال إيداعه في متحف.

ونشرت استنتاجات المتخصصين، المتاحة على الإنترنت، عبر المجلة المتخصصة (ISTE) Open Science، Arts et Sciences  التي تضم لجنتها التحريرية فيليب والتر، مدير المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا والمدير السابق لمختبر "اللوفر".

وفي نهاية عدد لا يحصى من التحليلات، بما في ذلك عمليات تصوير باستخدام الأشعة تحت الحمراء لطبقات الكربون المخفية بواسطة أصباغ الطلاء، تمكن المتخصصون من نسب اللوحة إلى رفائيل، الاسم المتداول للفنان رافاييلو سانزيو (1483-1520)، كما توضح دي ماريا.

هذه التحليلات، "استناداً إلى أحدث التطورات في العلوم، سلطت الضوء بشكل خاص" على "التعديلات الشكلية التي قام بها الرسام حتى النسخة النهائية من العمل، وتقنيته Spolvero (سبولفيرو)، أي نقل رسم من واسطته الأولى إلى واسطته النهائية"، كما الحال بالنسبة إلى لوحة الموناليزا لليوناردو دا فينشي، بحسب المتخصصة.

ورصدت نسختان أخريان من لوحة "المجدلية"، إحداهما منسوبة إلى بيروجينو، الذي كان معلم رفائيل ثم مساعداً له.

تؤكد دي ماريا أن اللوحة التي رسمها رفائيل على لوح من خشب الحور بحجم 46 × 33 سنتيمتراً، "تتميز بإتقان كبير وبراعة مذهلة في التنفيذ تشهد، إضافة إلى العناصر العلمية، على أن العمل يحمل فعلاً توقيع هذا العبقري".

كما أتاحت عمليات بحث في محفوظات مدينة فلورنسا تتبع مصدر اللوحة التي كانت "تعتبر مفقودة"، بحسب المتخصصة.

وقبل أن يشتريها هواة الجمع الفرنسيون، كانت اللوحة "عائدة إلى مجموعة خاصة في شمال إنجلترا وانتهى بها الأمر في مزاد صغير، حيث اشتراها المعرض اللندني معتقداً أنها لوحة من مدرسة ليوناردو دا فينشي"، بحسب ناتالي بوبيس، وهي متخصصة أخرى في الرياضيات التطبيقية لفن عصر النهضة.

هذا الاكتشاف "يظهر تأثير ليوناردو دا فينشي (1452-1519) على رفائيل، الذي ابتعد من مدرسة بيروجينو" في وقت لقائهما واعتمد أسلوبه المعروف بـ"سفوماتو"، وهو تراكم طبقات رقيقة جداً من المينا الشفافة الأحادية اللون، وفق المتخصصتين.

من المحتمل أن يكون استوحى هذا العمل من كيارا فانشيلي، زوجة بيروجينو، التي تنسب إليها لوحة "المجدلية" الموجودة في قصر بيتي في فلورنسا.

وتقول بوبيس التي أجرت دراسات مقارنة لوجه القديسة بالتعاون مع جان شارل بوميرول، عضو لجنة باريس العلمية والرئيس السابق لجامعة بيار وماري كوري الباريسية، "هناك نسخة أخرى لم يتم تحديد نسبها بعد، عثر عليها في فيلا بورغيزي في روما. لا يوجد أي أثر لها قبل عام 1693، في وقت كان يتم التداول خلالها بنسخ عدة".

ولم يرغب أي من المتخصصين الذين قابلتهم وكالة الصحافة الفرنسية في تقدير قيمة لوحة "المجدلية" التي عثر عليها.

قبل نشر الدراسة ومن دون تقويمات لمتخصصين قدموا بيانات معاكسة، اعترضت بعض المصادر في إيطاليا على نسبها إلى رفائيل، بينها رئيس أكاديمية "رافايلو دوربينو" (اسم آخر منسوب إلى رفائيل، على اسم قريته الأصلية أوروبينو)، الذي أبدى اقتناعه بأن العمل المذكور هو "بالتأكيد نموذج أولي عائد إلى بيروجينو"، وفق مجلة الفنون Le Journal des arts.

وأعيد بيع لوحة "سلفاتور موندي" ("مخلص العالم" باللاتينية)، التي توصف بأنها "النسخة الذكرية من الموناليزا" والمنسوبة إلى ليوناردو دا فينشي بعد ترميمها، من دون نشر نتائج تؤكد نسبها، في مقابل سعر قياسي تاريخي بلغ 450 مليون دولار خلال مزاد أجري عام 2017 في نيويورك. وأشارت معلومات صحافية إلى أن الشاري حينها كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو أمر لم يتم تأكيده رسمياً.

وكان تاجر أعمال فنية في نيويورك اشترى هذه اللوحة بأقل من 2000 دولار في مزاد في نيو أورلينز عام 2005.