تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تركيا تتأهب لشن عملية عسكرية جديدة في روجافا

القوات التركية
AvaToday caption
يتبادل طرفا النزاع المسؤولية عما يحدث من تصعيد وتوتر يجعل المنطقة برمتها تقبع على صفيح ساخن ويفتح جميع السيناريوهات على كل الاحتمالات حتى حدود شن عملية عسكرية
posted onOctober 8, 2023
noتعليق

يبدو أن القذائف والصواريخ الموجهة التي استهدفت مواقع حزب العمال الكوردستاني رداً على هجوم تبناه الحزب على مقر أمني تابع لوزارة الداخلية التركية في العاصمة أنقرة، أخيراً، لم تشكل رداً كافياً بالنسبة للجانب التركي، إذ يجري درس شن عملية برية في سوريا، بينما تتفاوت التقديرات حول مداها الزمني وقدرتها وأماكن انتشارها على الأرض. وقال مسؤول بوزارة الدفاع التركية إن العملية البرية أحد الخيارات التي تبحثها تركيا، بخاصة بعدما بينت التحقيقات وصول الفريق المنفذ للهجوم إلى تركيا قادمين من الأراضي السورية. ومن الواضح أن "كتيبة الخالدين" المسؤولة عن العملية الهجومية في قلب العاصمة التركية أرادت إيصال رسالة عن قدراتها القتالية مفادها أنها قادرة على اختراق كل التحصينات الأمنية، لا سيما أن الهجوم وقع قرب البرلمان ووسط مربع أمني يغص بالمقرات الرسمية علاوة عن تنفيذه قبل ساعات فحسب من إلقاء كلمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

في غضون ذلك ترك هجوم أنقرة الباب مشرعاً أمام تكهنات عن سلسلة هجمات قد يشنها حزب العمال الكوردستاني في حين شنت أجهزة الأمن التركية حملة دهم واعتقالات في مناطق جنوب شرقي البلاد ذات الغالبية الكوردية، وأوقفت العشرات من أعضاء المنظمات المصنفة لدى الأتراك بالإرهابية، بما فيها حزب العمال الكوردستاني، عدا عن شنها هجمات خاطفة بعد ساعات على مقرات لحزب العمال في أقليم كوردستان شمال العراق.

زجت القوات التركية بسلاح الطائرات المسيرة التي أغارت على مواقع لوحدات كوردية مقاتلة في شمال شرق سوريا (روجافا)، اعتبرت أنها تنضوي تحت جناح حزب العمال الكوردستاني، بينما أعلنت وزارة الدفاع التركية عن مصرع 26 مسلحاً كوردياً في رد على هجوم شنه مقاتلون على قاعدة "دابق" في منطقة عملية درع الفرات.

ويتبادل طرفا النزاع المسؤولية عما يحدث من تصعيد وتوتر يجعل المنطقة برمتها تقبع على صفيح ساخن ويفتح جميع السيناريوهات على كل الاحتمالات حتى حدود شن عملية عسكرية. في هذه الأثناء يعتقد مراقبون أن الضربات الجوية المتلاحقة، وبهذه الكثافة النارية، تمهد نحو تحرك بري للجيش التركي، أو عبر ذراعه العسكرية في المنطقة، وهي فصائل المعارضة السورية المسلحة التي أطلقت على نفسها تسمية "الجيش الوطني" المتمركز شمالاً.

في المقابل، نفى القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي مرور منفذي هجوم أنقرة من المناطق الخاضعة لسيطرة قواته في الشمال الشرقي للبلاد، وقال عبر حسابه الرسمي بمنصة "إكس"، "لسنا طرفاً في الصراع الداخلي التركي، ولا نشجع على تصاعد وتيرته".

ودعا عبدي الأطراف الضامنة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ المواقف المناسبة حيال هذه التهديدات المتكررة وضمان الاستقرار في المنطقة والسلام. وأضاف، "تبحث تركيا عن ذرائع لشرعنة هجماتها المستمرة على مناطقنا وشن عدوان عسكري جديد، وهذا ما يثير قلقنا".

ولا تستبعد أوساط سياسية في الشارع السوري من اندفاع تركيا نحو عملية عسكرية رابعة على غرار عمليات سابقة شنتها في الشمال السوري كعمليات "غصن الزيتون" و"نبع السلام" و"درع الفرات" بين عامي 2016 و2019، معتبرين أن ما يجري يشكل فرصة سانحة لمشروع أمني يتيح للأتراك استكمال منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية.

في المقابل، عبر الباحث التركي في الشؤون السياسية أوكتاي يلماز في تصريح صحفي عن قناعته بـ"حق أنقرة في رد هجمات تنظيم حزب العمال الكوردستاني، وأي تنظيم مسلح إرهابي آخر يستهدف الأمن القومي التركي، والرد بمواجهة داخلية وخارجية". واعتبر أن "الضربات الجوية قد تتطور إلى مواجهة عسكرية مباشرة".

مؤكداً في الوقت ذاته أن "محاربة الإرهاب مستمرة بكل الأشكال والطرق الممكنة". وأضاف، "هناك ضربات جوية على الأهداف الكوردية قد تصل إلى عملية برية، تتطلب قراراً عسكرياً عالي المستوى، ولكن القرار الوطني لا رجعة عنه، ويتلخص بمحاربة التنظيم من موقع تهديده المتواصل".

إزاء ذلك قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن بلاده لم تتلقَ معلومات كافية لتأكيد ما أفادت به السلطات التركية في شأن دخول منفذي الهجوم الانتحاري على مبنى تابع لوزارة الداخلية في تركيا عبر الأراضي السورية. وأعرب المتحدث الأميركي خلال مؤتمر صحافي عن وقوف بلاده إلى جانب تركيا في حربها ضد حزب العمال الكوردستاني في وقت تنظر فيه إلى "وحدات حماية الشعب" الكوردية في سوريا على أنها جسم منفصل عن حزب العمال الكوردستاني، بينما تؤكد المعلومات الاستخباراتية التركية وصول منفذَي الهجوم معبر الأراضي السورية. وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن "رد القوات التركية سيكون ملموساً للغاية ويجعلهم يندمون على فعلتهم".

ولفت النظر الباحث التركي أوكتاي يلماز إلى أن "أنقرة تنتظر تعاوناً من النظام السوري والعراق بخصوص الأراضي التي يسيطر عليها حزب العمال وتستخدم من قبل القوى الكبرى، وتحديداً الولايات المتحدة وتأمل في التنسيق وإخراج القوات الأميركية من موقع التهديد". وأردف قائلاً إن "هناك قراراً وطنياً بضرب الأهداف وإزالة الإرهاب، والعملية العسكرية يمكن إطلاقها بموجب الضرورات، وحتى الآن لا أتوقع عملية برية واسعة، ولكن من المؤكد أن العمليات الجوية والعمليات الخاصة النوعية ستستمر لإبعاد التنظيم عن الحدود أو إخراجه من دائرة التهديد".

وأضاف يلماز أن "تركيا لا تحتاج إلى ذريعة لمحاربة التهديدات التي تستهدف أمنها، وهناك تهديد حقيقي لها بعد تعرضها لتفجيرات متتالية وأعمال تخريبية، ولا بد من الرد، وهذا حق مشروع لها، ولا بد من التحرك بقوة".

في السياق ذاته لا تشير الترجيحات إلى شن عمل عسكري واسع النطاق على غرار العمليات الثلاث السابقة، بينما الاعتقاد بإطلاق عملية رابعة لا يزال شبه مستبعد بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في الداخل التركي، بحسب ما يتوقع مراقبون، في حين اعتبر الباحث التركي يلماز أنه "إذا وصلت الأمور إلى تهديد الأمن القومي لن تتوانى الدولة التركية عن إطلاق عمل عسكري رابع".