تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

السوداني عالق بين ارضاء واشنطن وإيران

السوداني
AvaToday caption
تأتي تصريحات السوداني بينما تجمع كل المؤشرات على أن إيران تستعد لتحريك ميليشياتها في العراق بهدف الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من الساحة العراقية في توقيت يبدو على علاقة بتعثر مفاوضات فيينا النووية
posted onJanuary 16, 2023
noتعليق

لا يختلف وضع رئيس الوزراء العراقي الحالي محمد شياع السوداني عن أسلافه من رؤساء الحكومات السابقين في ما يتعلق بمعضلة التوازن في العلاقات الخارجية لبلاده بما يجنبه سياسة المحاور، لكن وضع العراق الجيوسياسي يضعه في قلب الأزمة بين حليفي العراق والخصمين في آن واحد.

ويبدو السوداني عالقا بين إرضاء إيران وعدم إغضاب الولايات المتحدة في ما يتصل بهذه القضية تحديدا، إذ حرص في مقابلة مع صحيفة 'وول ستريت جورنال' نشرت اليوم الأحد على تأكيد حاجة بلاده للقوات الأجنبية (الأميركية والغربية)، مشيرا إلى أن القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية يحتاج وقتا.

ومن شأن هذه التصريحات أن تثير غضب إيران والميليشيات العراقية والقوى الشيعية المنضوية في الإطار التنسيقي (سياسي) والحشد الشعبي (أمني عسكري) الموالية لطهران.

لكن رئيس الوزراء العراقي حرص على التأكيد على الطابع الاستشاري واللوجستي للقوات الأجنبية التي تنادي إيران ووكلائها برحيلها، قائلا  "لسنا بحاجة إلى قوات تقاتل داخل الأراضي العراقية"، مضيفا أن "التهديد للعراق مصدره تسلل خلايا التنظيم المتطرف من سوريا".

وقال السوداني الذي يتولى المنصب منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي "نعتقد أننا بحاجة إلى القوات الأجنبية"، مؤكدا أن "القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية سيستغرق بعض الوقت"، مضيفا "لا أعتقد أنه من المستحيل أن تكون للعراق علاقة جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة".

وتنشر الولايات المتحدة نحو ألفي عسكري في العراق للقيام بمهام تدريبية واستشارية. كما تنفذ قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) ضمن التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربة داعش في سوريا والعراق، مهمة غير قتالية يشارك فيها "مئات" من العناصر من عدة دول أعضاء أو شركاء للحلف (أستراليا وفنلندا والسويد)، وفق موقعه الإلكتروني.

وتعتمد حكومة السوداني التي نالت الثقة بعد عام من الصدامات الدامية في بعض الأحيان، على دعم أحزاب موالية لإيران تهيمن على البرلمان. كما يعتمد العراق بشكل كبير على الغاز والكهرباء من جارته الشرقية.

وتواجه الحكومة العراقية توقعات هائلة من العراقيين المنهكين جراء أزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة. وقام رئيس الوزراء العراقي في نوفمبر/نهاية تشرين الثاني الماضي بزيارة إلى طهران شهدت وعودا بتعزيز التعاون على الصعيدين الأمني والاقتصادي.

في المقابلة التي نُشرت الأحد، حرص محمد شياع السوداني أيضا على إظهار الود تجاه الولايات المتحدة التي تواصل تشديد نبرتها ضد النظام الإيراني. وقال للصحيفة إنه يريد إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن قريبا، ربما تمهيدا للقاء بينه وبين الرئيس جو بايدن.

وتأتي تصريحات السوداني بينما تجمع كل المؤشرات على أن إيران تستعد لتحريك ميليشياتها في العراق بهدف الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب من الساحة العراقية في توقيت يبدو على علاقة بتعثر  مفاوضات فيينا النووية واستمرار القوى الغربية في تشديد الخناق على اقتصادها عبر حزمة من العقوبات.

وتوقفت المفاوضات النووية منذ أشهر ولا توجد في الأفق أي مؤشرات على محاولة إنعاشها، خاصة بعد تصريحات سابقة للرئيس الأميركي جو بايدن اعتبر فيها أن "الاتفاق النووي في حكم الميت"، مشيرا إلى أن بلاده لا تركز في الوقت الحالي على إنعاشه.

وأدت اشتراطات إيرانية وأخرى أميركية إلى جمود مفاوضات فيينا، بينما تقول طهران إنها تتمسك بالحوار من أجل التوصل إلى صيغة توافقية تنهي أزمة الملف النووي وفي الأثناء خفتت الحماسة الأوروبية لكسر جمود المحادثات وسط تضاؤل آمال إنعاش اتفاق العام 2015.

وكان عباس الكعبي عضو مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور في إيران قد وجه مؤخرا دعوة إلى الميليشيات الشيعية الموالية لطهران لمواصلة العمليات العسكرية ضد القوات والمصالح الأميركية في العراق.

وفي مسعى لتجييش الميليشيات وحثها على التحرك اتهم عضو مجلس الخبراء الإيراني الولايات المتحدة بأنها وراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي "بهدف استكمال  الحظر الاقتصادي على بلدان محور المقاومة" وهي الاتهامات ذاتها التي رددها قادة أحزاب وميليشيات شيعية تابعة لإيران.

 وتابع "الاحتلال الأميركي والمسّ بسيادة حكومات المنطقة لا ينحصران في الاحتلال العسكري، بل إن العدو الأميركي الحاقد يسعى لاحتلال فكري وثقافي وإعلامي وسلطوي واقتصادي واجتماعي وأمني وعلمي وفني".

واتهم فالح الخزعلي عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف "الفتح" في تصريح سابق أميركا ورئيسها السابق دونالد ترامب وجهات أخرى محلية بـ"تغذية الفتنة الطائفية والسياسية في العراق".

وشدد على ضرورة تطبيق قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأميركية من العراق، داعيا حكومة محمد شياع السوداني إلى تحمل مسؤوليتها.

وقال "يجب دعم الحشد بما يمكن على المستوى التشريعي وكذلك أن تدعمه الحكومة العراقية بالتسليح والتدريب والتمكين وكل القوات الأمنية".

وتابع "نستذكر الإرهاب الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة عندما يخرج ترامب الرئيس السابق لأميركا ويقول نحن الذين نقف خلف الإرهاب وهم الذين جذّروا الفتن الطائفية والسياسية في العراق وهناك من اتكأ على البعد السياسي الطائفي باعتماده على دول الجوار، وغذى هذا الإرهاب".

ويأتي التحريض الإيراني على إشعال جبهة المواجهة مع واشنطن في الساحة العراقية بعد أشهر من الهدوء، بينما اتهم قادة أحزاب وميليشيات شيعية الولايات المتحدة بالوقوف وراء أزمة الدينار العراقي.

وكان رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري زعيم ميليشيات "بدر" قد وصف ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار بأنه "مخطط للسيطرة على الاقتصاد في العراق".

وقال إن "فتوى الجهاد استطاعت أن توحد جميع الطاقات لقتال داعش"، مستدركا "لكن لدينا معركة أخرى لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة وهي الحرب الناعمة ويجب أن نسهم بهذه المعركة". 

وتابع "المعركة اليوم يجب أن تكون معركة استقلال اقتصادي وارتفاع الدولار جزء من مخطط للسيطرة على الاقتصاد".

وردد قيس الخزعلي زعيم عصائب "أهل الحق" وهي إحدى أكبر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران الكلام ذاته، معتبرا أن العراق يتعرض لما وصفها بـ"حرب اقتصادية".

وقال إن "النصر الذي تحقق على داعش يجب أن يكتمل بتحقيق السيادة وعدم السماح بأي قوات أجنبية في العراق"، مضيفا "تكالب الأعداء على العراق في 2014 من كل بلدان العالم في العلن وفي الخفاء".

وبلغت هيمنة الميليشيات على قرار الدولة العراقية ذروتها عندما صوّت البرلمان على قرار يلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من العراق.

ومنذ إصدار هذا القرار البرلماني كثفت الميليشيات الشيعية هجماتها على مواقع وجود القوات الأميركية موقعة عددا من الجرحى.