تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

12 عاماً من الاغتيالات في إيران والمتهم واحد

 العقيد خدايي
AvaToday caption
تعكس التصريحات الرسمية الإسرائيلية معارضة تل أبيب للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي أبرم بين طهران والقوى الكبرى العام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب العام 2018
posted onMay 27, 2022
noتعليق

لم تمض أيام على اغتيال العقيد في الحرس الثوري حسن خدايي صياد حتى أعلنت إيران مقتل مسؤول في إحدى المنشآت التابعة لوزارة الدفاع في منطقة "بارتشين" شرق طهران، وذكرت الوزارة في بيان، الخميس الـ 26 من مايو (أيار) 2022، أن المهندس إحسان قدبايكي قتل خلال حادثة في إحدى المنشآت التحقيقية  بـ "باردتشین" شرق العاصمة طهران.

كما جرح موظف آخر في المنشأة العسكرية التي تضم مراكز تصنيع عسكري حساسة، خضعت أجزاء منها لتفتيش وكالة الطاقة الذرية بعد تسريب أنباء عن قيام إيران بأنشطة محظورة هناك.

والأحد الماضي قتل في وضح النهار حسن خدايي صياد، العقيد في الحرس الثوري الإيراني على أيدي مسلحين اثنين على دراجة نارية، وقت وجوده في سيارته أمام منزله في طهران، وعلى الرغم من أن العقيد خدايي لم يكن معروفاً للعامة ولم تكن لديه حراسة شخصية، إلا أن حادثة اغتياله أحدثت ضجة كبيرة، وسرعان ما وجهت طهران أصابع الاتهام إلى إسرائيل متوعدة بالثأر له.

البيانات الرسمية الإيرانية تقول إن حسن خدايي صياد كان أحد مدافعي العتبات المقدسة، في إشارة إلى العسكريين الإيرانيين الموجودين في سوريا للقتال إلى جانب نظام الأسد، لكن عدداً من التقارير أشارت إلى علاقة خدايي بالطائرات الإيرانية المسيرة.

وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إن خدايي قتل بخمس رصاصات أثناء عودته لمنزله، وقال الحرس الثوري إنه فتح تحقيقاً للتعرف على المعتدي، كما ذكرت وكالة فارس للأنباء أن النائب العام زار موقع الجريمة وأمر بسرعة التعرف على مرتكبي هذا العمل الإجرامي والقبض عليهم.

وعقب عملية الاغتيال صدرت العديد من البيانات والتصريحات التي توجه أصابع الاتهام إلى الـ "موساد" وتتوعد بالثأر من قتلة خدايي، فيما ذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا) أن الحرس الثوري رصد واعتقل أعضاء في شبكة مخابرات إسرائيلية، من دون ذكر أي تفاصيل حول تلك الشبكة.

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قال إن بلاده ستثأر لمقتل العقيد في الحرس الثوري حسن صياد خدايي خلال عملية اغتيال نادرة في طهران، مؤكداً أنه طلب من المسؤولين الأمنيين الملاحقة الجادة لمرتكبي هذه الجريمة من أجل الانتقام. واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده من وصفهم بـ "الأعداء" بالوقوف وراء العملية، بينما أکد نائب رئیس السلطة القضائیة للشؤون الدولیة وأمین لجنة حقوق الإنسان کاظم غريب آبادي رداً على اغتيال خدايي، أنه يجب أن تتبنى إسرائيل المسؤولیة عن أعمالها الإرهابية.

من جهته، قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف إن "اغتيال العقيد في الحرس الثوري عمل إرهابي يكشف مجددا وحشية إسرائيل، ولن يدفع طهران إلى التخلي عن أهدافها".

ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، التعليق على التقارير الواردة من طهران، بينما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن خدايي كان يقود وحدة من فيلق القدس التي تنفذ عمليات بالخارج للحرس الثوري، وإن مهمتها التخطيط لهجمات على إسرائيليين في الخارج.

إلا أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قالت الأربعاء إن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها هي من تقف خلف اغتيال العقيد بالحرس الثوري الإيراني خدايي صياد قبل ثلاثة أيام في طهران، ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول استخباراتي مطلع على الاتصالات بين البلدين، لم تذكر اسمه، أن إسرائيل أبلغت الأميركيين أنها تقف وراء عملية الاغتيال.

بينما أفادت "القناة 13" العبرية، الإثنين الماضي، أن تل أبيب تتأهب لاحتمال رد من طهران على اغتيال خدايي في العالم ومن حدودها الشمالية.

وذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن "خدايي كان مسؤولاً عن محاولة اغتيال دبلوماسي إسرائيلي في نيودلهي عام 2012".

وتكررت مثل هذه الاغتيالات في إيران خلال السنوات الماضية، ففي الـ 28 من يونيو (تموز) العام 2011 تعرض الأستاذ الجامعي المتخصص في الفيزياء داريوش رضائي نجاد إلى عملية اغتيال بالرصاص على أيدي مسلحين على دراجة نارية بينما كان يقود سيارته في طهران، وفي العام نفسه اعتقلت وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية الملاكم الشاب مجيد جمالي فاشي، الذي ظهر على التلفزيون الإيراني واعترف بتلقيه تدريباً ومبلغ 120 ألف دولار من الـ "موساد" لتنفيذ عمليات اغتيال بحق علماء مرتبطين بالبرنامج النووي الإيراني، ومنذ ذلك الحين توجه إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل مع كل عملية اغتيال تتعلق بقياداتها في الحرس الثوري أو العلماء مع توعد بالرد.

وتعكس التصريحات الرسمية الإسرائيلية معارضة تل أبيب للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي أبرم بين طهران والقوى الكبرى العام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب العام 2018.

وقوبلت محاولات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني بتحركات إسرائيلية خاصة على مستوى "الخارجية الإسرائيلية"، إذ عقدت لقاءات موسعة مع دول المنطقة والحلفاء في الغرب، ويرجع سبب رفض إسرائيل للاتفاق إلى مجموعة من الأسباب، أبرزها طلب طهران إزالة اسم الحرس الثوري من اللائحة الأميركية "للمنظمات الإرهابية" الأجنبية، وإصرار طهران على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية لا عسكرية.

وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال مؤتمر صحافي مع نظيرة الأمريكي أنتوني بلينكن في القدس، نهاية مارس (آذار) الماضي، وجود خلاف حول البرنامج النووي ونتائجه مع واشنطن. وتابع، "ستعمل إسرائيل والولايات المتحدة معاً لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية، لكن إسرائيل ستفعل ما تراه ضرورياً لوقف البرنامج النووي الإيراني".

ووفقاً للبيد فإن "التهديد الإيراني ليس نظرياً، فالإيرانيون يريدون تدمير إسرائيل ولن ينجحوا ولن نسمح لهم بذلك"، فيما حث رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت القوى العالمية على اتخاذ موقف متشدد إزاء إيران خلال المفاوضات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي.

وعلى الرغم من ترحيب إسرائيل بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي خلال رئاسة ترامب، إلا أن العديد من الأصوات داخل إسرائيل اعتبرت لاحقاً أن تلك الخطوة كانت خطأً فادحاً في إشارة إلى الانسحاب من دون خطة طوارئ لخطة إيران النووية التي تعمل باستمرار على تطوير سلاحها النووي، إلا أن إسرائيل تؤكد دائماً امتلاكها ما يؤكد مساعي إيران إلى امتلاك سلاح نووي لأغراض غير سلمية.

وفي عام 2018 ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الـ "موساد" اكتشف موقعاً سرياً للغاية لمستودع اُستخدم لتخزين وثائق أسلحة إيران النووية، وقام الـ "موساد" باقتحام المبنى وأخذ نصف طن من الملفات.

وكشف رئيس الوزراء آنذاك بنيامين نتنياهو عن العملية خلال عرضه للوثائق عبر خطاب ألقاه هدف إلى إثبات أن إيران كذبت في شأن برنامجها السري للأسلحة النووية، وأنها "وضعت خطة للقيام بأمرين أولها الحفاظ على المعرفة النووية من مشروع (أماد)، وثانيهما تطوير قدراتها المتعلقة بالأسلحة النووية".

وبعد أسبوع من مؤتمر نتنياهو أعلن ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني معيداً تطبيق العقوبات على إيران.

لكن أكثر ما شغل الإيرانيين في مؤتمر نتنياهو هو حديثه عن الدكتور محسن فخري زاده، رئيس مشروع "أماد"، منهياً حديثه بـ "تذكروا هذا الاسم... فخري زاده".

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، قتل عراب البرنامج النووي الإيراني محسن فخري زاده داخل إيران، وسط حراسته وبعد ترجله من السيارة بإطلاق وابل من الرصاص عليه، واتهمت إيران مجدداً إسرائيل بقتل رئيس منظمة الأبحاث والإبداع التابعة لوزارة الدفاع وأحد الأسماء البارزة في برنامج الصواريخ الباليستية، فخري زاده، مؤكدة أن السلاح المستخدم إسرائيلي.

وفي مطلع العام 2020 أعلنت الولايات المتحدة الأميركية مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بصحبة نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس خلال ضربة جوية بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد.

سجل اغتيال أو محاولات اغتيال العلماء الإيرانيين يضم نحو ستة علماء منذ العام 2010، فخلافاً لفخري زاده وداريوش رضائي نجاد، اغتيل في طهران المهندس الكيماوي مصطفى أحمدي روشن في الـ 11 من يناير (كانون الثاني) 2012، عقب انفجار قنبلة لاصقة وضعها راكب دراجة نارية على سيارته.

وعرف عن روشن إشرافه على قسم في "منشأة نطنز" لتخصيب اليورانيوم، واتهمت إيران خلالها كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة باغتيال روشن، فيما ذكرت مجلة "تايم" الأميركية يومها أن روشن يعد الضحية الأخيرة لسلسلة الاغتيالات الإسرائيلية التي استهدفت الفيزيائيين النوويين الإيرانيين.

وسبق اغتيال روشن محاولتا اغتيال كبيرتين، الأولى قبل نهاية العام 2010 وشهدت مقتل الأستاذ المحاضر في جامعة بهشتي والعامل في مجال الفيزياء بمؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، مجيد شهرياري، خلال انفجار سيارة ملغومة في طهران، وهو اليوم نفسه الذي جرت فيه محاولة اغتيال بالطريقة نفسها لأستاذ الفيزياء النووية في الجامعة نفسها ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي، لكنه نجا منها بإصابات خطرة هو وزوجته.

واتهم وزير الاستخبارات الإيراني آنذاك حيدر مصلحي أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية والبريطانية بتنفيذ العملية، والهجوم على برنامج إيران النووي.

أما العملية الثانية فكانت في الـ 12 من يناير 2010، عقب إعلان إيران مقتل مسعود علي محمدي بتفجير قنبلة عن بعد كانت موضوعة على دراجة نارية أمام منزله، وإصابة زوجته في الهجوم.

وكان محمدي يعمل بشكل وثيق مع فخري زادة وفريدون عباسي دواني اللذان خضعا إلى عقوبات من الأمم المتحدة بسبب عملهما في أنشطة يشتبه في أنها تهدف إلى تطوير أسلحة نووية.

ويرى مراقبون أن إيران لم تقدم على الثأر طوال الفترات الماضية، وهددت فقط بالرد لانتظارها حسم إعادة إحياء الاتفاق النووي مع الغرب من عدمه، وأن طهران قد تستخدم أوراق التهديد تجاه إسرائيل للضغط على الدول الغربية والولايات المتحدة للقبول بشروطها في الاتفاق النووي، ومن بينها حذف الحرس الثوري من على قوائم الإرهاب، وهو الأمر الذي تعارضه إسرائيل وتضغط على شركائها لرفضه.