تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تدهور شعبية إيران بين العرب

الانتخابات
AvaToday caption
النفاق نفسه في العراق حيث تمتعت الميلشيات العراقية الموالية لايران بدعم أميركي وغطاء جوي أثناء مشاركتها في حرب القضاء على داعش. في الوقت نفسه، تكرر هذه الميليشيات أكاذيب مفادها أن داعش صناعة أميركية وأن الميلشيات هي التي هزمته وحدها
posted onOctober 20, 2021
noتعليق

حسين عبدالحسين

أثبتت نتائج الانتخابات العراقية ما كان يعرفه كثيرون عن تدهور شعبية نظام ايران الاسلامية بين صفوف العرب، خصوصا الشيعة منهم. في ”مجلس النواب“ العراقي كان للميليشيات الشيعية الموالية لمرشد جمهورية ايران علي خامنئي كتلة تتألف من 48 عضوا. في انتخابات العاشر من الجاري، تقلّص عدد أعضاء هذه الكتلة الى 15 فقط، ولحفظ ماء الوجه، أضافت هذه الكتلة الى صفوفها الفائزين من لائحة بابليون، وهم من الأقليات، ليصبح تعداد أعضائها 20 نائبا، من أصل 329 نائبا في البرلمان العراقي، وهو رقم ضئيل.

وكما في العراق، كذلك في الأراضي الفلسطينية، أظهرت استطلاعات الرأي السابقة للانتخابات، التي تم الغاؤها، أن حركة حماس الفلسطينية المتحالفة مع نظام ايران تتمتع بشعبية لا تتعدى ثلث عدد الناخبين، وهي شعبية توازي ما تحوزه حركة فتح. في الماضي، كانت حماس تتمتع بغالبية النصف، كما في آخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في 2006

وشعبية حماس تراجعت على الرغم من أطنان المال القطري الذي تنفقه على شبكتها الريعية، وعلى الرغم من الفساد الذي ينخر قيادة فتح والذي أدى الى تدهور شعبيتها. مع ذلك، تتساوى شعبية فتح — ”الفاسدة“ والمرتبطة باتفاقيات سلام وأمن مع اسرائيل — مع شعبية حماس واسلامها السياسي الذي يفترض أنه يكافح ضد الفساد ويسعى لتدمير دولة اسرائيل.

في لبنان، يصعب معرفة حجم الشعبية التي يتمتع بها ”حزب الله“، التابع لنظام ايران، بين شيعة لبنان. من المؤكد أن شعبية الحزب المذكور في الحضيض لدى غالبية مسيحيي لبنان ودروزه والسنة اللبنانيين. حتى الماضي القريب، كان ”حزب الله“ يتمتع بشعبية مطلقة بين الشيعة، ولكن في الآونة الأخيرة، بدا أن هذه الشعبية اهتزت وأدت الى ذعر لدى قيادة الحزب

ويمكن التكهن أن عملية اغتيال الشيعي المعارض للحزب لقمان سليم هي جزء من خوف ”حزب الله“ من ضعف شعبيته وصعود المعارضين. لقد كان مقتل سليم أول اغتيال يطال شيعي في لبنان منذ الثمانينات، وهو اغتيال يشي بأن من يقفون ورائه صاروا يخشون من أي علامات تململ داخل الطائفة الشيعية، لأن شخصيات مثل سليم كان يمكنها قيادة انشقاق عريض ضد ”حزب الله“ بسبب تراجع شعبية الأخير، على خلفية الأزمات الاقتصادية والمعيشية الخانقة التي تسببت بها سيطرة الحزب الموالي لايران على قرار الجمهورية اللبنانية.

أما أسباب تدهور شعبية ايران والميليشيات الموالية لها في العراق والأراضي الفلسطينية، والأرجح لبنان، فيعود الى سلسلة من التصرفات التي يمارسها النظام الايراني ومثله ميليشياته العربية، وفي طليعتها العجرفة، فهذه التنظيمات تتحدث دائما وكأنها تتمتع بوصاية الهية، وكان رأيها هو الصائب بشكل دائم، ولا يحتمل المسائلة ولا المشورة ولا التغيير، تحت طائلة تخوين أي من يعارضها، وهو تخوين يصل أحيانا الى حد العنف والاغتيال، خصوصا في العراق، حيث قامت الميليشيات الموالية لايران باغتيال عدد كبير من الناشطين والمثقفين ممن كانوا يتمتعون بشعبية كبيرة.

بعد العجرفة يأتي النفاق الذي تعاني منه الميلشيات العربية الموالية لايران. مثلا، تواصل كل من حماس وحزب الله والميليشيات العراقية هجومها الاعلامي على الامارات العربية المتحدة والبحرين بسبب قيام أبوظبي والمنامة بتوقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل والعمل على تطبيع العلاقات معها

في الوقت نفسه، يكيل حزب الله وحماس المديح على ملك الأردن عبدالله الثاني، الذي كان أول زعيم عربي يلتقيه رئيس حكومة اسرائيل نفتالي بينيت، لأن عاهل الأردن قرر تطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد. ومثل مع الأردن، أغدقت حماس المديح على مصر، أول الدول العربية التي أقامت سلاما مع اسرائيل والتي استقبل رئيسها عبدالفتاح السيسي بينيت في قمة في شرم الشيخ. مصر هي شريان الحياة الوحيد لقطاع غزة، لذا، تتجاهل حماس علاقة مصر الممتازة باسرائيل، لكنها تهاجم الامارات بشكل متواصل وتتهمها بطعن الفلسطينيين في الظهر بتوقيعها سلاما مع اسرائيل.

والنفاق نفسه في العراق حيث تمتعت الميلشيات العراقية الموالية لايران بدعم أميركي وغطاء جوي أثناء مشاركتها في حرب القضاء على داعش. في الوقت نفسه، تكرر هذه الميليشيات أكاذيب مفادها أن داعش صناعة أميركية وأن الميلشيات هي التي هزمته وحدها

الشيعة العرب ليسوا أغبياء، ويعرفون أن نظام ايران لا يهمه القدس ولا فلسطين ولا الأمتين العربية والإسلامية، بل أن جلّ ما يهم طغاة ايران هو بسط نفوذهم اقليميا لإرضاء غرورهم ولتشتيت انتباه الايرانيين عن فشل الملالي الذريع في الحكم وفي تأمين مستوى معيشة لائق للايرانيين من غير أقرباء أركان النظام والمحظيين

في مايو-أيار الماضي، أدلى وزير خارجية ايران أمير عبداللهيان، وكان ما يزال مساعدا لوزير الخارجية، بتصريحات الى صحيفة ”مهر“ الايرانية قال فيها أنه في صراع ايران ضد اسرائيل، ”كان يمكن أن يكون النظام الصهيوني داخل حدودنا، لكن حلفاءنا اليوم هم داخل حدود النظام الصهيوني، وهذا الترتيب هو من أجل سلامة البلاد (إيران) والمنطقة“. 

ولأن الصحيفة الايرانية تدرك حساسية هذه التصريحات عند العرب، قامت بنشرها في نسختها الفارسية وحذفتها من نسختها العربية.

لكن العرب يسمعون ويقرأون الايرانيين، ويعرفون أن صراع ايران مع اسرائيل ليس لتحسين وضع العرب أو الفلسطينيين، بل صراع على الصدارة والنفوذ في الاقليم، يستخدم فيه النظام الايراني العرب وقودا في نار حربه مع الاسرائيليين.

انهارت صورة نظام ايران كنظام ثوري حريص على حقوق المستضعفين، خصوصا المسلمين بمن فيهم العرب منهم، وبان النظام الاسلامي على حقيقته: متعجرف، منافق، يديره فاسدون لا يترددون عن قتل خصومهم، ولا يردعهم ضمير ولا دين