تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

لماذا يصر الشعب الايراني على إسقاط النظام؟

الاحتجاجات الايرانية
AvaToday caption
رافق ذلك من حملات إعدامات جماعية وإنتهاکات فظيعة في مجال حقوق الانسان عموما والمرأة خصوصا، فإن الشعب قد علم بأن هذا النظام کسلفه وحتى إن لم يکن أسوء منه، فإنه من النوع الذي لا يمکن التفاٶل بتحسنه وتغيير نهجه
posted onMay 21, 2023
noتعليق

موسى أفشار

في صباح اليوم الجمعة، 19 مايو2023، وفي عمل إجرامي أعدم قضاء النظام الإيراني بأمر من خامنئي، رغم الاحتجاجات المحلية والدولية الواسعة، ثلاثة من سجناء الانتفاضة صالح ميرهاشمي (36 عامًا) ومجيد كاظمي (30 عامًا) وسعيد يعقوبي (37 سنة) بعد شهور من التعذيب الجسدي بتهمة "المحاربة". وذكرت الحكومة الإيرانية أن قتل عدد من القوى القمعية أثناء انتفاضة أصفهان في نوفمبر الماضي هو سبب هذه الإعدامات.

على الرغم من إن النظام الإيراني هو کأي نظام دکتاتوري يعتمد على الاساليب البوليسية والممارسات القمعية من سجون وتعذيب وإعدامات، لکنه مع ذلك عمل وعبر طرق وأساليب عديدة من أجل کسب رضا الشعب الايراني وکسبه لصالحه، وحتى إن بروز جناح خلال العقود الثلاثة الماضية يدعو للإعتدال والاصلاح، کان واحدا من أبرز هذه الطرق والاساليب التي إتبعها من أجل کسب رضا الشعب الايراني وإستمالته لصالحه، لکن الذي يلفت النظر کثيرا إن النظام لم يتمکن من إحراز أي نتيجة بهذا الخصوص، بل وحتى إن هذه الطرق والاساليب کانت تساهم أکثر في تعميق وتوسيع الخلاف والتضاد القائم بين الشعب من جهة وبين النظام من جهة أخرى، ومن المنطقي التساٶل؛ لماذا فشل النظام في مساعيه هذه؟

کما ذکرنا، فإن هذا النظام هو نظام دکتاتوري ويعتمد أسلوب القبضة الحديدية في التعامل والتعاطي مع الشعب، ولأن الشعب الايراني کان بعد قيام الثورة الايرانية في عام 1979، قد خرج لتوه من ربقة وسطوة نظام الشاه الدکتاتوري الذي ذاق منه الامرين، وسرعان ماعلم بأن التيار الديني في الثورة الايرانية الذي سيطر عليها وجيرها لصالحه قد أقام أيضا نظاما دکتاتوريا بإعتماده نظرية ولاية الفقيه الاستبدادية التي قامت بموجبه بتغيير شکلي وذلك بتحويل الدکتاتورية الملکية الى دکتاتورية دينية، فإنه قد برزت منذ البداية فجوة بين الشعب وبين النظام، وبدلا من أن يقوم الاخير بتضييق هذه الفجوة والسعي لتقرب من الشعب والاستماع لمطالبه المشروعة، فإنه قد قام بتوسيع الفجوة وتعميقها أکثر بين الطرفين.

لجوء هذا النظام للتضييق على الشعب عموما وبشکل خاص على شريحتي الشباب والنساء الى جانب إن نهجه الديني المغالي في تطرفه، قد جعله أيضا يعادي المثقفين والمفکرين والادباء والفنانين، ويوما بعد يوم ولاسيما بعد فرض الحجاب قسرا وبعد مجزرة السجناء السياسيين في صيف عام 1988.

وما رافق ذلك من حملات إعدامات جماعية وإنتهاکات فظيعة في مجال حقوق الانسان عموما والمرأة خصوصا، فإن الشعب قد علم بأن هذا النظام کسلفه وحتى إن لم يکن أسوء منه، فإنه من النوع الذي لا يمکن التفاٶل بتحسنه وتغيير نهجه، وهذا ماقد جعل الشعب يعود لنفس ذلك الخندق الذي کان فيه أيام مواجهته وصراعه مع دکتاتورية الشاه.

وإن النظام أحس بالخطر وأراد تدارك ذلك، فبرز ما يسمى بجناح الاصلاح والاعتدال، وهو جناح أعلن مسبقا بأن هدفه المحافظة على النظام من خلال اللجوء الى الاصلاحات والى إجراء ثمة تغيير على نهجه المتطرف بجعله يجنح للإعتدال، وهذه کانت مهمة محمد خاتمي ومن بعده حسن روحاني، لکن وبعد أربعة ولايات رئاسية لهذين الشخصين، فإن الذي لفت النظر کثيرا هو إنه ليس لم يتم إجراء أي تغيير في نهج النظام ولم يتم الاقدام على الاصلاح في أي مجال من المجالات، فإن الشعب قد فقد الثقة بالنظام تماما، وأدرك بأن الاعتدال والاصلاح في ظل هذا النظام هو مجرد تمويه وخداع لاوجود له في الواقع أبدا.

اليوم وبعد الانتفاضات التي إندلعت بوجه النظام وبشکل خاص إنتفاضة سبتمبر 2022، فإن المطلب الرئيسي للشعب لم يکن تحسين أوضاع معيشية أو إجراء ثمة تغييرات هنا وهناك، بل کان المطلب ولا يزال إسقاط النظام لأنه الحل الوحيد المتاح أمامه ذلك إن هدا النظام کأي نظام دکتاتوري إستبدادي غير قابل للتغيير، ولذلك لا مجال للتعامل معه إلا بمواجهته وإسقاطه.