تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إيزيدون يحتفون بالقرار التاريخي و"ينتظرون المزيد"

إيزيديون
AvaToday caption
من بين ما يقارب 1.5 مليون إيزيدي في العالم، يعيش العدد الأكبر، وهو 550 ألفا، في العراق، مع وجود أعداد أقل في المناطق الناطقة بالكردية في تركيا وسوريا، بحسب "فرانس برس"
posted onDecember 1, 2021
noتعليق

في حكم هو الأول من نوعه في العالم، وصفت محكمة ألمانية ما تعرض له إيزيديون في سنجار في أقليم كوردستان (شمالي غرب العراق)، على يد عناصر من تنظيم داعش بأنه "إبادة"، الأمر الذي يعتبر "بداية طريق نحو الاعتراف بالإبادة الجماعية" التي استهدفت هذه الِأقلية،  بحسب ناشطين في الشؤون الإيزيدية.

والثلاثاء، قضت محكمة ألمانية، بالسجن مدى الحياة على عراقي من تنظيم داعش بعد إدانته بتهمة ارتكاب "إبادة" في حق الإيزيديين.

واعتبر قضاة محكمة فرانكفورت أن طه الجميلي "مذنب بتهم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية أفضت إلى الوفاة".

وفي أغسطس 2014، سيطر "تنظيم الدولة الإسلامية" على سنجار، وشن هجوما وحشيا على الإيزيديين، وصل إلى "إبادة جماعية محتملة"، وفقا للأمم المتحدة.

وعن أهمية هذا القرار القضائي، تعتبر عضو لجنة العمل والشؤون الاجتماعية في البرلمان العراقي، النائبة خالدة خليل، أن "صدوره يبشر بأن تحذو محاكم ألمانية ودولية أخرى حذوه بإدانة إرهابي داعش، بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الإيزيديين".

وأشارت النائب الإيزيدية، في حديث لموقع "الحرة"، إلى أن "هذا القرار بمثابة اعتراف بوقوع جريمة الإبادة الجماعية".

بدوره، يقول عيسى سعدو، ناشط إيزيدي في ألمانيا، إن "وصف الإبادة يعني الكثير، لاسيما أنه صدر في دولة لها ثقل كبير في الإتحاد الأوروبي، هي ألمانيا".

وأضاف سعدو، في حديث صحافي لقناة "الحرة" الأميركية "رغم أن ألمانيا لم تعترف رسميا بالإبادة الإيزيدية، كما فعلت دول كثيرة مثل مجلس العموم البريطاني، والكونغرس الأميركي، ودول في الاتحاد الأوروبي (فرنسا، بلجيكا، هولندا)، إلا أن قرارها الأخير  يدعم جهود الإيزيديين في نيل الإعتراف بالإبادة التي تعرضوا لها".

واعتبر سعدو أن "هذا القرار نتاج جهود كبيرة بذلها الإيزيديون في ملاحقة عناصر داعش في ألمانيا وفي دول كثيرة، لاسيما جهود نادية مراد وفريقها".

ورحّبت مراد، الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2018، بالحكم معتبرة أنه "انتصار للناجين من الإبادة، والناجين من العنف الجنسي، ومجمل المجتمع الإيزيدي"، علما أنها كانت إحدى سبايا التنظيم الإرهابي.

داعش اختطف 6417 من الأيزيديين لدى هجوم التنظيم على منطقة شنكال.

وشدد سعدو، وهو عراقي الجنسية، على أن "هذا القرار يحمل رسالة واضحة إلى الإرهابيين بأنهم لن يفلتوا من العقاب وسيستمر الإيزيديون في ملاحقتهم في كل مكان من خلال العدالة والقانون".

وفي وقت أشاد سعدو بالحكم الألماني، والموقف الدولي، أعرب عن أسفه من جهود بلاده التي اعتبرها "غير كافية وتساهم في إفلات الإرهابيين من العقاب ".

وأضاف: "هناك عناصر مشبوهون تم إطلاق سراحهم، رغم أننا كنا نتمنى أن يكون العراق في مقدمة البلدان التي تسعى إلى تحقيق العدالة للإيزيديين".

ومن بين ما يقارب 1.5 مليون إيزيدي في العالم، يعيش العدد الأكبر، وهو 550 ألفا، في العراق، مع وجود أعداد أقل في المناطق الناطقة بالكردية في تركيا وسوريا، بحسب "فرانس برس".

وأسفرت عقود من الهجرة عن توجه أعداد كبيرة من الإيزيديين إلى أوروبا، وخصوصا ألمانيا، التي تأوي نحو 150 ألفا من أبناء هذه الطائفة، إضافة إلى السويد وفرنسا وبلجيكا وروسيا.

ولكن منذ اجتياح "تنظيم الدولة الإسلامية" لسنجار في العام 2014، هاجر ما يقارب 100 ألف إيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا.

ولا يزال نحو 360 ألفا يعيشون اليوم في مخيمات النازحين بشمال غرب العراق. ولم يتمكن سوى بضعة آلاف فقط من العودة إلى سنجار، حيث لا تزال معظم المنازل أنقاضا، والكهرباء والمياه النظيفة والمستشفيات شحيحة.

وتوافق خليل على اعتبار أن القضاء العراقي لم يبذل جهودا كافية، قائلة إن "الوضع القانوني والقضائي في العراق مضطرب وغير مستقر ويتعرض لضغوط كبيرة مما جعله يعجز عن إجراء محاكمات عادلة تتناسب مع فداحة الجرائم المرتكبة".

وأعربت عن أملها في "حصول محاكمات عادلة وتعويضات تجبر جزءا من الضرر الذي أصاب الضحايا"، مشددة على أن "إعادة الضحايا والنازحين إلى ديارهم لم تكن على قدر التطلعات المرجوة".

وأشادت خليل بـ"ما  بذلته حكومة إقليم كردستان من مساع في سبيل تشكيل محاكم خاصة لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية التي جوبهت بالرفض من قبل المحكمة الاتحادية".

وأشارت إلى أنها تقدمت مع مجموعة من النواب بـ"مشروع قانون حول الإبادة الجماعية، تمت القراءة الأولية له من قبل البرلمان، دون استكمال إجراءات اقراره لأسباب سياسية".

وفي سياق متصل، يعلق جومرد (اسم مستعار)، أحد الناشطين الإيزيديين في عفرين السورية، على القرار الألماني معتبرا أنه "تعويض بسيط لما تعرضت له الأقلية في سنجار".

وقال جومرد، في حديث صحفي، إن "الإيزيديين في عفرين السورية تلقوا الخبر بتفاؤل كبير، آملين أن تأخد العدالة مجراها في جميع دول المنطقة".

ويقدر عدد الإيزيديين بحاولى 40 ألف نسمة غالبيتهم في مدينة عفرين التي تضم 22 حي إيزيدي، والقسم الآخر في مدينة حلب وتحديدا بمنطقة الأشرفية، وحي السريان، بحسب ما أفادت به مصادر إيزدية فاعلة في شمال سوريا بتقرير سابق لموقع "الحرة".

وأشار جومرد إلى أن "الإيزيديين تعرضوا على مر العصور للكثير من النكبات والويلات، ولكن ما حصل في القرن الواحد والعشرين شكل وصمة عار في سجل الإنسانية، لن يمحيها قرار قضائي واحد".

ويقول الإيزيديون إنهم تعرضوا لـ74 "إبادة جماعية"، من ضمنها هجوم داعش عام 2014.

وأسوأ تلك الإبادات، وفقا للمجلس الروحاني الأعلى، شهدت مقتل 250 ألف إيزيدي قبل مئات السنين.

وتعرضت هذه الأقلية أيضا للاضطهاد من الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين، وعلى يد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذي دفع، في ظل حكمه للبلاد بيد من حديد بين عامي 1979 و2003، آلاف العائلات الإيزيدية الى الفرار الى الخارج.

وناشد جومرد "المجتمع الدولي والولايات المتحدة التدخل في سوريا لإحلال السلام وإنهاء حالة الفصائل المتطرفة، التي تمارس القمع والعنف على قرى الإيزيديين".

وكشف جومرد أن "قرية بافلون الإيزيدية يمنع على أهاليها الدخول إليها، بعدما تم الاستيلاء على ممتلكاتهم وأراضيهم مثل باقي القرى، كما يمنع تجول أهلنا في قرية باصوفان بشكل شبه كامل، ويتم نعتنا بالكفرة".

وتابع: "نعيش حالة مزرية من عدم الأمان والقدرة على التنقل بحرية، فضلا عن إجبار الناس على اعتناق الإسلام، بعدما هدمت المزارات وأجبر أطفالنا على دراسة الديانة الإسلامية في المدارس".

وتسيطر فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا على عفرين حاليا، بعد إخراج القوات الكردية منها.

وتخضع مناطق الشمال السوري لاتفاقيات تركية- روسية، وتدخل إيران بجزء منها أيضا ضمن تفاهمات "آستانة" الخاصة بمحافظة إدلب، في شمال غرب البلاد.

وتحدث جومرد عن حصول "اعتقالات قسرية تعسفية من قبل الفصائل المتطرفة التي ينتمي البعض منها لداعش"، مناشدا الدول بالتدخل لحماية هذه الأقلية التي تصارع من أجل البقاء في أرضها.

وبحسب إحصاءات المديرية العامة للشؤون الإيزيدية في وزارة أوقاف حكومة إقليم كردستان العراق، قُتل نحو 1280 إيزيديا، ويُتّم أكثر من 2300 طفل، وتعرض ما يقارب 70 مزارا للتدمير، خلال فترة سيطرة داعش على مناطق واسعة في العراق بين 2014 و2017.

وخطف التنظيم أيضا أكثر من 6400 إيزيدي، معظمهم من النساء والفتيات، نجا منهم نحو 3400 شخص.

ومذ خسر التنظيم المتطرف آخر جيوبه بسوريا في مارس 2020، تحرّرت العشرات من النساء والفتيات والفتيان الإيزيديين، وأعيد لم شملهم مع عائلاتهم في العراق. أما الباقون فلا يزالون في عداد المفقودين.

إضافة إلى ذلك، تركت بعض النساء اللواتي أجبرن على الإنجاب من مقاتلي داعش، أطفالهن في سوريا المجاورة، كشرط لقبولهن مجددا ضمن الطائفة.